للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مالَ له فأشبَهَ الفَقيرَ العاجِزَ، ويَحتمِلُ كَلامُ الخِرقيِّ إِيجابَ الجِزيةِ عليه يُؤدِّيها سَيِّدُه، ورُوي ذلك أيضًا عن أحمدَ، ورُوي عن عُمرَ بنِ الخَطابِ أنَّه قالَ: لا تَشتَروا رَقيقَ أهلِ الذِّمةِ، ولا ممَّا في أيديهم؛ لأنَّهم أهلُ خَراجٍ يَبيعُ بَعضُهم بَعضًا، ولا يُقرَّنَّ أحدُكم بالصَّغارِ بعدَ إذْ أنقَذه اللهُ منه.

قالَ أحمدُ: أرادَ أنْ يُوفِّرَ الجِزيةَ؛ لأنَّ المُسلمَ إذا اشتَراه سقَطَ عنه أداءُ ما يُؤخذُ منه، والذِّميُّ يُؤدِّي عنه وعن مَملوكِه خَراجَ جَماجِمهم، ورُوي عن علِيٍّ مِثلُ حَديثِ عُمرَ، ولأنَّه ذَكرٌ مُكلَّفٌ قَويٌّ مُكتسِبٌ فوجَبَت عليه الجِزيةُ كالحُرِّ، والأوَّلُ أوْلى (١).

وقالَ ابنُ القَيمِ : وأمَّا العبدُ فإنْ كانَ سَيِّدُه مُسلمًا فلا جِزيةَ عليه باتِّفاقِ أهلِ العِلمِ، ولو وجَبَت عليه لوجَبَت على سَيِّده؛ فإنَّه هو الذي يُؤدِّيها عنه.

وفي السُّننِ والمُسنَدِ من حَديثِ ابنِ عَباسٍ قالَ: قالَ رَسولُ اللهِ : «لا تَصلُحُ قِبلَتانِ في أَرضٍ، وَليسَ على مُسلمٍ جِزيةٌ» (٢).

وإنْ كانَ العبدُ لكافرٍ فالمَنصوصُ عن أحمدَ أنَّه لا جِزيةَ عليه أيضًا، وهو قَولُ عامةِ أهلِ العِلمِ.

قالَ ابنُ المُنذِرِ : أجمَع كلُّ من نَحفَظُ عنه مِنْ أهلِ العِلمِ على أنَّه لا جِزيةَ على العبدِ.


(١) «المغني» (١٢/ ٦٧٣).
(٢) حَدِيثٌ ضَعِيفٌ: أخرجه أبو داود (٢٦٣٦) ومن طريقه البيهقي في «الكبرى» (٨/ ٢٠٨)، والترمذي (٦٣٣)، وأحمد في «المسند» (١/ ٢٢٣، ٢٨٥) وغيرهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>