للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقيلَ: ﴿عَنْ يَدٍ﴾ أي: عن قَهرٍ وذُلٍّ واستِسلامٍ كما تَقولُ: اليَدُ في هذا لفُلانٍ، أي: الأمرُ النافِذُ لفُلانٍ، ورُوي عن عُثمانَ البَزِّيِّ: ﴿عَنْ يَدٍ﴾ قالَ: نَقدًا عن ظَهرِ يَدٍ ليسَ بنَسيئةٍ.

وقالَ أبو عُبيدةَ: كلُّ مَنْ أطاعَ لمَن قهَرَه فأَعطاه عن غيرِ طِيبةِ نَفسِه، فقد أَعطاها عن يَدٍ (١).

وقد ذكَرَ المُفسِّرونَ هذه المَعانيَ عندَ تَفسيرِ قَولِ اللهِ تَعالى: ﴿عَنْ يَدٍ﴾:

فقالَ الزَّمخشَريُّ : ﴿عَنْ يَدٍ﴾ إمَّا أنْ يُرادَ يَدُ المُعطي أو الآخِذِ، فمَعناه: على إرادةِ يَدِ المُعطي حتى يُعطُوها عن يَدٍ: أي: عن يَدٍ مُؤاتيةٍ غيرِ مُمتنِعةٍ؛ لأنَّ مَنْ أبى وامتنَعَ لم يُعطِ يَدَه، بخِلافِ المُطيعِ المُنقادِ، ولذلك قالُوا: أعطى بيَدِه، إذا انقادَ وأصحَبَ، ألا تَرى إلى قَولِهم: نزَعَ يَدَه عن الطاعةِ، كما يُقالُ: خلَعَ رِبقةَ الطاعةِ عن عُنقِه، أو حتى يُعطُوها عن يَدٍ إلى يَدٍ نَقدًا غيرَ نَسيئةٍ، لا مَبعوثةً على يَدٍ أحدٍ.

ولكنْ عن يَدِ المُعطي إلى يَدِ الآخِذِ، وأمَّا على إرادةِ يَدِ الآخِذِ فمَعناه: حتى يُعطُوها عن يَدٍ قاهِرةٍ مُستوليةٍ، أو عن إنعامٍ عليهم؛ لأنَّ قَبولَ الجِزيةِ منهم وتَرْكَ أرواحِهم لهم نِعمةٌ عَظيمةٌ عليهم (٢).

وفسَّر الشافِعيُّ الصَّغارَ بإجراءِ حُكمِ الإسلامِ عليهم، حيثُ قالَ: سَمِعتُ رِجالًا من أهلِ العِلمِ يَقولون: الصَّغارُ أنْ يَجريَ عليهم حُكمُ


(١) «لسان العرب» (١٥/ ٤٢٤)، و «تهذيب اللغة» (١٤/ ١٦٩).
(٢) «الكشاف» (٢/ ٢٤٩)، و «التفسير الكبير» للرازي (١٦/ ٢٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>