قالَ القَرافِيُّ ﵀: والبابانِ مُلتَبِسانِ فيَحتاجانِ إلى الفَرقِ.
قُلتُ: اختصَرَ المُقري في قَواعِده ما فرَّقَ به بقَولِه: البِرُّ المَأذونُ لهم فيه ما يَرجِعُ إلى قُربِهم والإحسانِ إليهم مع حِفظِ المَرتبةِ وعُلُوِّ الإسلامِ، وهو مُستحَبٌّ وجائِزٌ، والإقساطُ: العَدلُ الواجِبُ فيهم، وهو مُستحقٌّ واجِبٌ، والتَّودُّدُ المَنهيُّ عنه ما يَرجِعُ إلى الإكرامِ واستِعمالِ الآدابِ التي يَستحِقُّها الرُّؤساءُ والأكْفاءُ من دونِهم أو هو في دَرجَتِهم وهو حَرامٌ (١).
قالَ الإمامُ الغَزاليُّ ﵀: بَيانُ مَراتِبِ الذين يُبغَضونَ في اللهِ وكَيفيةِ مُعامَلتِهم: فإنْ قُلتَ: إظهارُ البُغضِ والعَداوةِ بالفِعلِ إنْ لم يَكنْ واجِبًا فلا شَكَّ أنَّه مَندوبٌ إليه، والعُصاةُ والفُساقُ على مَراتِبَ مُختلفةٍ فكيف يُنالُ الفَضلُ بمُعامَلتِهم؟ وهل يُسلَكُ بجَميعِهم مَسلكٌ واحِدٌ أو لا؟
فاعلَمْ أنَّ المُخالِفَ لأمرِ اللهِ سُبحانَه لا يَخلو إمَّا أنْ يَكونَ مُخالِفًا في عَقَدِه وإمَّا في عَملِه، والمُخالِفُ في العَقَدِ إمَّا مُبتدِعٌ وإمَّا كافِرٌ، والمُبتدِعُ إمَّا داعٍ إلى بِدعَتِه أو ساكِتٌ، والساكِتُ إمَّا بعَجزِه أو باختيارِه، فأقسامُ الفَسادِ في الاعتِقادِ ثَلاثةٌ: