أكَلَ شَيئًا منه أو علَف فلا ضَمانَ عليه؛ لأنَّ حقَّ المُسلِمينَ لم يُستقَرَّ فيه، وأمَّا العَسكَرُ فلهم أنْ يُطعِموا عَبيدَهم ونِساءَهم وصِبيانَهم؛ لأنَّ نَفَقةَ هؤلاء واجِبةٌ عليهم، فكانُوا مِثلَهم، وأمَّا الأجيرُ للخِدمةِ فلا يأكُلُ؛ لأنَّ نَفَقتَه لا تَجِبُ عليه، وإنَّما يَستحِقُّ الأُجرةَ وإنْ دخَلَ النِّساءُ لمُداواةِ الجَرحى والمَرضى أكَلْن وعَلَفْن وأطعَمْن رَقيقَهُنَّ؛ لأنَّ لهن حَقًّا في الغَنيمةِ، ألَا تَرى أنَّه يَرضَخُ لهُنَّ فصِرْن كالرِّجالِ ولو أنَّ العَسكرَ ذَبَحوا البَقرَ والغَنمَ والإبِلَ فأكَلوا اللَّحمَ رَدُّوا الجُلودَ إلى المَغنَمِ؛ لأنَّهم لا يَحتاجونَ إليه في الأكلِ والعَلفِ فهي كالثِّيابِ.
ويُقاتِلون بما يَجِدونه من السِّلاحِ، كلُّ ذلك بغيرِ قِسمةٍ إذا احتاجَ إليه بأنِ انقطَعَ سَيفُه أو انكَسَر رُمحُه أو لم يَكنْ له سِلاحٌ، وكذا إذا دَعَتْه حاجةٌ إلى رُكوبِ فَرسٍ من المَغنَمِ ليُقاتِلَ عليه فلا بأسَ بذلك، فإذا زالت الحاجةُ رَدَّه في الغَنيمةِ ولا يَنبَغي أنْ يَستعمِلَ من الدَّوابِّ والثِّيابِ والسِّلاحِ شَيئًا ليَقيَ به دابَّتَه وثيابَه وسِلاحَه؛ لأنَّ هذا انتِفاعٌ من غيرِ حاجةٍ، لكنْ ليَصونَ ثيابَه وفَرسَه وسِلاحَه؛ فإنْ فعَلَ ذلك فلا ضَمانَ عليه إذا هلَكَ منه شَيءٌ؛ لأنَّ الحَقَّ فيه لم يَستقِرَّ للغانِمينَ.
ولا يَجوزُ أنْ يَبيعوا شَيئًا من ذلك ولا يَتمَوَّلوه، يَعني لكَيْ يَتمَوَّلوه حتى لو باع شَيئًا بطَعامٍ جاز بشَرطِ أنْ يَأكلَه ولا يَبيعَه بالذهَبَ والفِضةِ والعُروضِ.