للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قالَ خَليلٌ : وقَتلُ عَينٍ وإنِ أُمِّنَ، والمُسلِمُ كالزِّنديقِ.

قالَ الخَرشيُّ : يَعني أنَّه يَجوزُ قَتلُ الجاسوسِ، وهو مُرادُه بالعَينِ هنا، وهو الذي يَطَّلعُ على عَوراتِ المُسلِمينَ ويَنقُلُ أَخبارَهم للعَدوِّ، فالجاسوسُ رَسولُ الشَّرِّ، وهو ضدُّ الناموسِ؛ الذي هو رَسولُ الخَيرِ، وسَواءٌ كانَ هذا الجاسوسُ عندَنا تَحتَ الذِّمةِ ثم تَبيَّنَ أنَّه عَينٌ للعَدوِّ يُكاتِبُهم بأُمورِ المُسلِمينَ فلا عَهدَ له، أو دخَلَ عندَنا بأمانٍ، وإليه الإشارةُ بقَولِه: (وإنْ أُمِّنَ)؛ لأنَّ الأمانَ لا يَتضمَّنُ كَونَه عَينًا، ولا يَستلزِمَه.

سحنُونٌ: إلا أنْ يَرى الإمامُ استِرقاقَه، ومحَلُّ جَوازِ قَتلِهِ إنْ لم يُسلِمْ، والمَشهورُ أنَّ المُسلِمَ إذا تَبيَّنَ أنَّه عَينٌ للعَدوِّ؛ فإنَّه يَكونُ حُكمُه حينَئذٍ حُكمَ الزِّنديقِ؛ أي: فيُقتَلُ إنْ ظهَرَ عليه ولا تُقبَلُ تَوبَتُه، وهو قَولُ ابنِ القاسِمِ وسحنُونٍ (١).

وقالَ الإمامُ العَدَويُّ المالِكيُّ : قَولُه: (فلو أمَّنَ جاسوسًا … إلخ) يُقتَلُ الجاسوسُ حينَئذٍ، إلا أنْ يَرى الإمامُ استِرقاقَه أو يُسلِمَ (٢).

وقالَ الإمامُ النَّوويُّ : ويُشترطُ ألَّا يَتضرَّرَ به المُسلِمونَ، فلو أمَّنَ جاسوسًا أو طَليعةً لم يَنعقِدِ الأمانُ، قالَ الإمامُ: ويَنبَغي ألَّا يَستحِقَّ تَبليغَ المأمَنِ؛ لأنَّ دُخولَ مِثلِه خيانةٌ فحَقُّه أنْ يُغتالَ (٣).


(١) «مختصر الخرقي» ص (١٠٢)، و «شرح مختصر الخرقي» للخرشي (٣/ ١١٩).
(٢) «حاشية العدوي» (٢/ ١١).
(٣) «روضة الطالبين» (١٠/ ٢٨١).

<<  <  ج: ص:  >  >>