للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقالَ الخَطيبُ الشِّربينيُّ الشافِعيُّ : ولا يَجوزُ ولا يَصحُّ أمانٌ يَضُرُّ المُسلِمينَ كجاسوسٍ وطَليعةٍ لخَبرِ: «لا ضَررَ ولا ضِرارَ» (١). ويَنبَغي -كما قالَ الإمامُ- ألَّا يَستحِقَّ تَبليغَ المَأمَنِ فيُغتالَ؛ لأنَّ دُخولَ مِثلِه خِيانةٌ.

وفي مَعنى الجاسوسِ مَنْ يَحمِلُ سِلاحًا إلى دارِ الحَربِ ونَحوِه ممَّا يُعينُهم (٢).

وقالَ الإمامُ الغَزاليُّ : أمَّا الشَّرطُ فهو اثنانِ:

أحدُهما: ألَّا يَكونَ على المُسلِمينَ ضَرَرٌ؛ بأنْ يَكونَ طَليعةً أو جاسوسًا؛ فإنْ كانَ قُتلَ ولا نُبالي بالأمانِ، ولا يُشترطُ وُجودُ مَصلَحةٍ مهما انتَفى الضَّررُ (٣).

وقالَ الحَنابِلةُ -كما في «كَشَّافِ القِناعِ» للبُهوتيِّ-: ويُشترطُ للأَمانِ عَدمُ الضَّررِ علينا بتَأمينِ الكُفارِ (٤).

لكنْ هل يَجوزُ اغتيالُ مَنْ أُعطيَ الأمانَ الباطِلَ الذي فيه ضَررٌ علينا -كمَن أمَّنَ جاسوسًا أو طَليعةً- قبلَ أنْ يَبلُغَ مأمَنَه؟ أو لا يَجوزُ إلا بعدَ إعلامِه بذلك لوُجودِ شُبهةِ الأمانِ، نَفيًا للغَدرِ والخِيانةِ؟

فالذي صرَّحَ به المالِكيةُ والشافِعيةُ أنَّه يَجوزُ أنْ يُغتالَ ويُقتلَ.


(١) حَدِيثٌ صَحِيحٌ: رواه أبو داود (٢٧٦٩)، وأحمد (١٤٣٣).
(٢) «مغني المحتاج» (٤/ ٢٣٨)، و «روضة الطالبين» (١٠/ ٢٨١).
(٣) «الوسيط» (٧/ ٤٤).
(٤) «كشاف القناع» (٣/ ١٠٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>