والأُخرى: لا دِيةَ له؛ لأنَّه قُتلَ في دارِ الحَربِ برَميٍ مُباحٍ فيَدخُلُ في عُمومِ قَولِ اللهِ تَعالى: ﴿فَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لَكُمْ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ﴾ [النساء: ٩٢] ولم يَذكُرْ دِيةً.
وقالَ أبو حَنيفةَ: لا دِيةَ له ولا كَفارةَ فيه؛ لأنَّه رَمْيٌ أُبيحَ مع العِلمِ بحَقيقةِ الحالِ فلم يُوجِبْ شَيئًا كرَميِ مَنْ أُبيحَ دَمُه.
ولنا: الآيةُ المَذكورةُ، وأنَّه قُتلَ مَعصومًا بالإيمانِ، والقاتِلُ من أهلِ الضَّمانِ فأشبَه لو لم يَتترَّسْ به (١).
وقالَ الشَّيخُ زَكريَّا الأنصاريُّ ﵀: ومَتى تتَرَّسوا في القِتالِ بصِبيانِهم ونِسائِهم ونَحوِهم ولو في قَلعةٍ رَميْناهم وإنْ لم تَدْعُ ضَرورةٌ إلى رَميِهم، كما يَجوزُ نَصبُ المَنجَنيقِ على القَلعةِ وإنْ كانَ يُصيبُهم، ولِئلَّا يَتَّخِذوا ذلك ذَريعةً إلى تَعطيلِ الجِهادِ أو حيلةً لاستبقاءِ القِلاعِ لهم، وفي ذلك فَسادٌ عَظيمٌ، وخالَفَ في المِنهاجِ كأصلِه فصحَّحَ أنَّه لا يَجوزُ لنا رَميُهم عندَ عَدمِ الضَّرورةِ؛ لأنَّه يُؤدِّي إلى قَتلِهم بلا ضَرورةٍ، وقد نُهينا عن قَتلِهم.
(١) «المغني» (٩/ ٢٣١، ٢٣٢)، و «الشرح الكبير» (١٠/ ٤٠٢).