للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد صَحَّ عن أبي بَكرٍ الصِّديقِّ أنه قالَ: «كُلِ الطَّيرَ كُلَّه»، وقد ذكَرْنا الخبَرَ عنه في غيرِ هذا المَوضعِ، وهو قَولُ عَطاءٍ وجَماعةٍ مِنْ العُلماءِ.

وذكَرَ ابنُ وَهبٍ عن خالِدِ بنِ حُميدٍ عن عقيلَ عن ابنِ شِهابٍ أنه سَألَه رَجلٌ عن أكلِ البازِي، فأمَرَه بأكلِه.

قالَ ابنُ وَهبٍ: وأخبَرَني الليثُ قالَ: كَتبتُ إلى يَحيَى بنِ سَعيدٍ في لَحمِ الغُرابِ والحِدأةِ والنَّسرِ والصَّقرِ والبازِي والعُقابِ وأشباهِها، هل يُكرهُ أم لا؟ فقالَ يَحيَى بنُ سَعيدٍ: ليسَ يَنبغي أنْ تُحرِّمَ إلا ما حرَّمَ اللهُ ﷿ أو بما تَكلَّمَ رَسولُ اللهِ بالنَّهيِ عنهُ.

قالَ ابنُ وَهبٍ: وسَألتُ مالِكًا عن أكلِ الغُرابِ والحِدأةِ وقُلتُ له: «إنَّ رَسولَ اللهِ سمَّاهُما فاسقَينِ وأمَرَ المُحرِمَ بقَتلِهما» فقالَ: لم أُدرِكْ أحَدًا يَنهَى عن أكلِهِما، قالَ: ولا بأسَ بأَكلِهما (١).

وذهَبَ جُمهورُ الفُقهاءِ الحَنفيةُ والشافِعيةُ والحَنابلةُ إلى أنه يَحرمُ أكلُ كلِّ ذي مِخلبٍ مِنْ الطَّيرِ؛ لِما رَواهُ مُسلمٌ وغيرُه عن ابنِ عبَّاسٍ قالَ: «نهَى رَسولُ اللهِ عن كُلِّ ذِي نابٍ مِنْ السِّباعِ وعن كلِّ ذِي مِخلبٍ مِنْ الطَّيرِ» (٢).

قالَ الحَنفيةُ: المُستأنسُ مِنْ الطُّيورِ كالدَّجاجِ والبَطِّ والأوزِّ فيَحلُّ بإجماعِ الأمَّةِ.


(١) «الاستذكار» (٤/ ١٥٤، ١٥٥).
(٢) أخرجه مسلم (١٩٣٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>