للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي لَفظٍ: «وحَرامٌ عَليكُم حُمرُ الأهليَّةِ وخَيلُها وبِغالُها وكلُّ ذي نابٍ مِنْ السِّباعِ وكلُّ ذي مِخلَبٍ مِنْ الطَّيرِ» (١)، وهذا نَصٌّ على التَّحريمِ.

وعن رَسولِ اللهِ أنه قالَ: «الخَيلُ لثَلاثةٍ، فهي لرَجلٍ سِتْرٌ، ولرَجلٍ أجرٌ، ولرَجلٍ وِزرٌ» (٢)، ولو صَلحَتْ للأكلِ لَقالَ : الخَيلُ لأربَعةٍ، لرُجلٍ سِتْرٌ، ولرَجلٍ أجرٌ، ولرَجلٍ وِزرٌ، ولرَجلٍ طَعامٌ.

(وأمَّا) دَلالةُ الإجماعِ: فهي أنَّ البَغلَ حَرامٌ بالإجماعِ، وهو وَلدُ الفَرسِ، فلو كانَتْ أمُّه حَلالًا لَكانَ هو حَلالًا أيضًا؛ لأنَّ حُكمَ الوَلدِ حُكمُ أمِّه؛ لأنه مِنها وهو كبَعضِها، ألَا تَرَى أنَّ حِمارَ وَحشٍ لو نُزِّيَ على حِمارةٍ أهلِيةٍ فوَلَدتْ لم يُؤكلْ وَلدُها؟! ولو نَزَا حِمارٌ أهليٌّ على حِمارةٍ وَحشيةٍ وولَدَتْ يُؤكلُ وَلدُها؟! ليُعلَمَ أنَّ حُكمَ الوَلدِ حُكمُ أمِّه في الحِلِّ والحُرمةِ دونَ الفَحلِ، فلما كانَ لَحمُ الفَرسِ حَرامًا كانَ لَحمُ البغلِ كذلكَ.

ولأنه ذُو حافرٍ، فَجازَ أنْ يَتعلقَ المَنعُ بأكلِه كالحَميرِ والبِغالِ، ولأنَّ الخَيلَ يُحتاجُ إليها للجِهادِ، وفي إباحةِ أكلِها تَطرُّقٌ إلى انقِطاعِ نَسلِها.

وما رُويَ في بَعضِ الرِّواياتِ عن جابرٍ وما في رِوايةٍ سيِّدتِنا أسماءَ يُحتملُ أنه كانَ ذلكَ في الحالِ التي كانَ يُؤكلُ فيها الحُمرُ؛ لأنَّ


(١) ضَعِيفٌ: رواه أبو داود (٣٨٠٦) قالَ الإمامُ النَّوويُّ في «المَجموعِ» (٩/ ٥): واتَّفقَ العُلماءُ مِنْ أئمَّةِ الحَديثِ وغيرِهم على أنه حَديثٌ ضَعيفٌ، وقالَ بعضُهم: هو مَنسوخٌ.
(٢) أخرجه البخاري (٢٧٠٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>