للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أكبَرُ»، وكانَ ابنُ عُمرَ يَقولُه، ولا خِلافَ في أنَّ قولَه: «بِسمِ اللهِ» يُجزِئُه، وإنْ قالَ: «اللهُمَّ اغفِرْ لي» لم يَكفِ؛ لأنَّ ذلكَ طَلبُ حاجَةٍ، وإنْ هلَّلَ أو سبَّحَ أو كبَّرَ أو حَمدَ اللهَ تعالَى احتَملَ الإجزاءَ؛ لأنه ذكَرَ اسمَ اللهِ تعالَى على وَجهِ التَّعظيمِ، واحتَملَ المَنعَ؛ لأنَّ إطلاقَ التَّسميةِ لا يَتناولُه.

وإنْ ذكَرَ اسمَ اللهِ تعالَى بغيرِ العرَبيةِ أجزَأَه وإنْ أحسَنَ العرَبيةَ؛ لأنَّ المَقصودَ ذِكرُ اسمِ اللهِ، وهو يَحصلُ بجَميعِ اللُّغاتِ، بخِلافِ التَّكبيرِ في الصلاةِ؛ فإنَّ المَقصودَ لفظُه (١).

وذهَبَ الشافِعيةُ إلى أنَّ التسميةَ عندَ الذبحِ وعندَ إرسالِ الجارِحةِ أو إرسالِ السَّهمِ على الصَّيدِ مُستحَبةٌ استِحبابًا مُتأكدًا؛ فإنْ ترَكَ التَّسميةَ عَمدًا أو سَهوًا حَلَّ الصَّيدُ بلا خِلافٍ في المَذهبِ؛ لِما رَوتْ عائِشةُ : «أنَّ قَومًا قالوا: يا رَسولَ اللهِ إنَّ قَومًا يَأتونَنا باللَّحمِ لا نَدرِي أذَكَروا اسمَ اللهِ عليهِ أم لا؟ فقالَ رَسولُ اللهِ : سَمُّوا اللهَ عليهِ وكُلُوهُ» (٢).

ولأنَّ الإجماعَ مُنعقدٌ في ذَبيحةِ الكِتابيِّ أنها تُؤكلُ وإنْ لم يُسَمِّ اللهَ عليهَا إذا لم يُسَمِّ عليهَا غيرَ اللهِ، وأجمَعُوا أنَّ المَجوسيَّ والوَثنيَّ لو سَمَّى اللهَ لم تُؤكلْ ذَبيحتُه، وفي ذلكَ بَيانُ أنَّ ذَبيحةَ المُسلمِ حَلالٌ على كلِّ حالٍ؛ لأنه ذبَحَ بدِينِه.


(١) «المغني» (٩/ ٢٩٣، ٢٩٤)، و «كشاف القناع» (٦/ ٢٦٤)، و «شرح منتهى الإرادات» (٦/ ٣٣٧، ٣٣٨)، و «منار السبيل» (٣/ ٣٩٤، ٣٩٥).
(٢) أخرجه البخاري (١٩٥٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>