الأخَذِ والقَتلِ، وإنما يَكونُ مُضافًا إليهِ إذا أمسَكَ لصاحبِهِ لا لنَفسِه؛ لأنَّ العامِلَ لنَفسِه يكونُ عمَلُه مُضافًا إليهِ لا إلى غيرِه، والإمساكُ على صاحبِه أنْ يَتركَ الأكلَ منهُ، وهو حَدُّ التَّعليمِ.
والثاني: أنَّ تَعليمَ الكَلبِ ونَحوِه هو تَبديلُ طَبعِه وفِطامُه عن العادةِ المَألوفةِ، ولا يَتحقَّقُ ذلكَ إلا بإمساكِ الصَّيدِ لصاحبِه وتَركِ الأكلِ منه؛ لأنَّ الكَلبَ ونحوَه مِنْ السِّباعِ مِنْ طِباعِهم أنهُم إذا أخَذُوا الصَّيدَ فإنما يَأخذونَه لأنفُسِهم ولا يَصبِرونَ على أنْ لا يَتناوَلُوا منهُ، فإذا أخَذَ واحدٌ منهُم الصَّيدَ ولم يَتناولْ منه دَلَّ أنه ترَكَ عادَتَه حَيثُ أمسَكَ لصاحبِه ولم يَأكلْ منهُ، فإذا أكَلَ منهُ دَلَّ أنه على عادَتِه، سَواءٌ اتَّبعَ الصَّيدَ إذا أُغريَ واستَجابَ إذا دُعيَ أو لا؛ لأنه أَلوفٌ في الأصلِ يُجيبُ إذا دُعيَ ويَتبِعُ إذا أُغريَ فلا يَصلحُ ذلكَ دَليلًا على تَعلُّمِه، فثبَتَ أنَّ معنَى التَّعليمِ لا يَتحقَّقُ إلا بما قُلنا، وهو أنْ يُمسِكَ الصَّيدَ على صاحبِه ولا يَأكلَ منهُ (١).
قالَ الإمامُ ابنُ رُشدٍ ﵀: وسَببُ الخِلافِ في اشتِراطِ الأكلِ أو عَدمِه شَيئانِ:
(١) «بدائع الصنائع» (٥/ ٥٢، ٥٣)، و «الاختيار» (٥/ ٥)، و «الجوهرة النيرة» (٥/ ٤٣٨، ٤٤٠)، و «الحاوي الكبير» (١٥/ ٨، ٩)، و «البيان» (٤/ ٥٤٢، ٥٤٤)، و «روضة الطالبين» (٢/ ٧٠٣)، و «شرح صحيح مسلم» (١٣/ ٧٥، ٧٦)، و «النجم الوهاج» (٩/ ٤٧٨، ٤٧٩)، و «مغني المحتاج» (٦/ ١١٩، ١٢٠)، و «المغني» (٩/ ٢٩٥، ٢٩٦)، و «الكافي» (١/ ٤٨٤)، و «شرح الزركشي» (٣/ ٢٣٦)، و «المبدع» (٩/ ٢٤٤)، و «الإنصاف» (١٠/ ٤٣٢)، و «منار السبيل» (٣/ ٤٠٤).