للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يُعتبَرُ وُجودُها حالَ وُجودِ الرُّكنِ؛ لأنَّ عندَ وُجودِها يَصيرُ الرُّكنُ عِلةً كما في سائرِ الأركانِ معَ شَرائطِها …

والرُّكنُ في الذَّكاةِ الاختِياريةِ هو الذَّبحُ، وفي الاضطِراريةِ هو الجَرحُ، وذلكَ مُضافٌ إلى الرامِي والمُرسِلِ، وإنما السَّهمُ والكَلبُ آلةُ الجَرحِ، والفِعلُ يُضافُ إلى مُستعمِلِ الآلةِ، لذلكَ اعتُبِرَ وُجودُ التَّسميةِ وقتَ الذبحِ والجَرحِ، وهو وَقتُ الرَّميِ والإرسالِ، ولا يُعتبَرُ وقتُ الإصابةِ في الذَّكاةِ الاضطِراريةِ؛ لأنَّ الإصابةَ ليسَتْ مِنْ صُنعِ العَبدِ، لا مُباشَرةً ولا سَببًا، بل مَحضُ صُنعِ اللهِ ﷿ (١).

وقالَ المالِكيةُ: التسميةُ واجِبةٌ معَ الذِّكرِ في الذَّكاةِ عندَ الرميِ وعندَ إرسالِ الجَوارحِ وعندَ الذَبحِ، فيَقولُ: «بِاسمِ اللهِ واللهُ أكبَرُ» عندَ الذبحِ وعندَ النَّحرِ وعندَ الإرسالِ في العَقرِ، ولا خُصوصيةَ لهذا اللفظِ، بل لو قالَ غيرَه مِنْ الأذكارِ يُجزئُه، وما مضَى عليهِ الناسُ أحسَنُ، وهو: «بِاسمِ اللهِ واللهُ أكبَرُ»، فإنْ ترَكَ التسميةَ مع الذِّكرِ والقُدرةِ لم تُؤكلْ، سَواءٌ كانَ جاهِلًا أو لا، خِلافًا لأشهَبَ في الجاهلِ.

وأما إذا كانَ ناسِيًا للتسميةِ فتَحلُّ، وحِينئذٍ فيُقيَّدُ قولُه تعالَى: ﴿وَلَا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ﴾ [الأنعام: ١٢١]، أي: لا تَأكُلوا ممَّا تُرِكَتِ


(١) «تحفة الفقهاء» (٣/ ٧٧)، و «بدائع الصنائع» (٥/ ٤٩)، و «الاختيار» (٥/ ٤)، و «الجوهرة النيرة» (٥/ ٤٣٦، ٤٣٨، ٤٥٤، ٤٥٥)، و «اللباب» (٢/ ٣٤٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>