للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والنِّسيانِ، ولا يَلزمُ ذلكَ في إرسالِ السَّهمِ؛ لأنَّ السهمَ آلةٌ حَقيقةً وليسَ له اختِيارٌ، فهو بمَنزلةِ السِّكينِ، بخِلافِ الحيَوانِ؛ فإنه يَفعلُ باختِيارِه (١).

وذهَبَ الحَنفيةُ والمالِكيةُ والإمامُ أحمَدُ في رِوايةٍ إلى أنَّ التسميةَ تَجبُ في حالِ الإرسالِ عندَ الذِّكرِ، وتَسقطُ عندَ النِّسيانِ؛ لحَديثِ: «إذا أرسَلْتَ كَلبَكَ المُعلَّمَ وذَكَرتَ اسمَ اللهِ عليهِ فكُلْ» مُتفَقٌ عليهِ.

ولا بُدَّ مِنْ التسميةِ وقتَ الرميِ والإرسالِ، فإنْ رمَى ولمْ يُسمِّ عامِدًا أو أرسَلَ كَلبَه ولمْ يُسمِّ عامِدًا فالصَّيدُ مَيتةٌ لا يَحلُّ أكلُه، وإنْ ترَكَ التسميةَ عندَ ذلكَ ناسيًا حَلَّ أكلُه.

قالَ الحَنفيةُ: وإنْ رمَى ثمَّ سَمَّى بعدَ ذلكَ أو أرسَلَ كَلبَه ثمَّ سمَّى بعدَ ذلكَ لا يَحِلُّ أكلُه؛ لأنَّ المُعتبَرَ وقتُ الرَّميِ ووقتُ الإرسالِ بالاتِّفاقِ؛ لقَولِ النبيِّ لعَديِّ بنِ حاتِمٍ حينَ سألَه عن صَيدِ المِعراضِ والكَلبِ: «إذا رَمَيتَ بالمِعراضِ وذكَرْتَ اسمَ اللهِ عليهِ فكُلْ، وإنْ أرسَلْتَ كَلبَكَ المُعلَّمَ وذكَرْتَ اسمَ اللهِ عليهِ فكُلْ» (٢).

وقَولُه: «عَليهِ» أي: على المِعراضِ والكَلبِ، ولا تَقعُ التسميةُ على السَّهمِ والكَلبِ إلا عندَ الرَّميِ والإرسالِ، فكانَ وقتُ التَّسميةِ فيها هو وُقتُ الرَّميِ والإرسالِ، والمَعنى هكذا يَقتضِي، وهو أنَّ التسميةَ شَرطٌ، والشَّرائطُ


(١) «المغني» (٩/ ٢٩٣، ٢٩٤)، و «كشاف القناع» (٦/ ٢٨٨، ٢٨٩)، و «شرح منتهى الإرادات» (٦/ ٣٦٤، ٣٦٥)، و «منار السبيل» (٣/ ٤٠٥، ٤٠٦).
(٢) أخرجه مسلم (١٩٢٩)، وأبو داود (٢٨٤٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>