للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويَمنعُها الأبُ ومَن يَقومُ مَقامَة مِنْ الانفِرادِ بنَفسِها خَشيةً عليها؛ لأنه لا يُؤمَنُ عليها دُخولُ المُفسدينَ، ولا تُمنعُ الأمُّ مِنْ زِيارتِها، ولا هي مِنْ زِيارةِ أمِّها، إنْ لم يُخَفِ الفَسادُ، وتُمنعُ مِنْ الخَلوةِ بها إنْ خِيفَ أنْ تُفسدَ قلْبَها.

قالَ ابنُ قُدامةَ : إذا كانَتِ الجارِيةُ عندَ الأمِّ أو عندَ الأبِ فإنها تَكونُ عندَه لَيلًا ونهارًا؛ لأنَّ تَأديبَها وتَخريجَها في جَوفِ البيتِ، مِنْ تَعليمِها الغزْلَ والطَّبخَ وغيرَها، ولا حاجَةَ بها إلى الإخراجِ منه، ولا يُمنعُ أحَدُهما مِنْ زِيارتِها عندَ الآخَرِ مِنْ غيرِ أنْ يَخلوَ الزَّوجُ بأمِّها، ولا يُطيلُ ولا يَتبسَّطُ؛ لأنَّ الفُرقةَ بينَهُما تَمنعُ تبسُّطَ أحَدِهما في مَنزلِ الآخَرِ، وإنْ مَرضَتْ فالأمُّ أحَقُّ بتَمريضِها في بيتِها (١).

وقالَ شَيخُ الإسلامِ ابنُ تَيميةَ : ولو كانَ الأبُ عاجزًا عن حِفظِها، أو يُهملُه لاشتِغالِه عنه أو قلَّةِ دِينِه، والأمُّ قائِمةٌ بحِفظِها قُدِّمتْ، وكذا إذا ترَكَها عندَ ضرَّةِ أمِّها لا تَعملُ مَصلحتَها بل تُؤذيها وأمُّها تَعملُ مَصلحتَها ولا تُؤذيها فالحَضانةُ هُنا للأمِّ قَطعًا، ولو قُدِّرَ أنَّ التخييرَ مَشروعٌ وأنها اختارَتِ الأمَّ فكيفَ إذا لم يَكنْ كذلكَ؟

وممَّا يَنبغي أنْ يُعلَمَ أنَّ الشارعَ ليسَ له نصٌّ عامٌّ على تَقديمِ أحَدِ الأبوَينِ مُطلَقًا، ولا تَخييرِ أحَدِ الأبوَينِ مُطلقًا، والعُلماءُ مُتفِقونَ على أنه لا


(١) «المغني» (٨/ ١٩١، ١٩٣)، و «الكافي» (٣/ ٣٥٨)، و «شرح الزركشي» (٥/ ٥٧١)، و «المبدع» (٨/ ٢٣٧)، و «كشاف القناع» (٥/ ٥٨٩، ٥٩١)، و «مطالب أولي النهى» (٥/ ٥٦٩، ٥٧٠)، و «منار السبيل» (٣/ ٢١٢، ٢١٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>