للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقالَ الشافِعيةُ: يَجوزُ أنْ يَكونَ الفَسخُ عندَ قاضٍ أو مُحكَّمٍ بشَرطِه بأنْ يَكونَ مُجتهِدًا ولو مع وُجودِ قاضٍ أو مُقلِّدًا، فلا يُشترطُ في المُحكَّمِ فقدُ الحاكمِ، بل تَفسخُ بالمُحكَّمِ ولو مع وُجودِ الحاكِمِ، فيَفسخُه لإعسارِه أو يَأذنُ لها في الفَسخِ، فلا يَنفذُ منها قبلَ ذلكَ ظاهِرًا ولا باطنًا، ولا تَحتسبُ عدَّتَها إلا مِنْ الفَسخِ.

فإنْ فُقدَ قاضٍ أو مُحكَّمٌ بمَحلِّها أو عجَزَتْ عن الرَّفعِ إليه كأنْ قالَ: «لا أفسَخُ حتَّى تُعطِيني مالًا» استَقلَّتْ بالفَسخِ للضَّرورةِ، ويَنفذُ ظاهِرًا وباطِنًا؛ لبِناءِ الفَسخِ على أصلٍ صَحيحٍ، فاستَلزمَ النُّفوذَ باطنًا.

وفي قَولٍ عندَ الشافِعيةِ: لها أنْ تتولَّى ذلكَ بنَفسِها مِنْ غيرِ مُرافَعةٍ إلى الحاكِمِ كفَسخِ البيعِ بالعَيبِ.

قالَ الدَّميريُّ : وهذا إذا قدَرَتْ على الرَّفعِ إلى القاضِي، فإنْ لم يَكنْ في الصِّقعِ قاضٍ ولا مُحكَّمٌ قالَ في «الوَسيطِ»: لا خِلافَ في استِقلالِها بالفَسخِ.

قالَ ابنُ الرِّفعةِ: وتَترتَّبُ عليهِ أحكامُ الفَسخِ باطنًا، حتى لو أيسَرَ بعدَه لم تُمكِّنْه مِنْ نَفسِها، ويَحرمُ عليهِ أخذُ ما خلَّفتْه مِيراثًا إذا أيسَرَ قبلَ المَوتِ (١).

وأجازَ الحَنابلةُ لها الفَسخَ بحُكمِ الحاكِمِ، قالَ البُهوتيُّ: ولا يَصحُّ الفَسخُ مِنْ ذلكَ كلِّه إلا بحُكمِ حاكمٍ؛ لأنه فَسخٌ مُختلَفٌ فيهِ، فافتَقرَ


(١) «النجم الوهاج» (٨/ ٢٧٣)، ويُنظَر: «مغني المحتاج» (٥/ ١٧٨، ١٧٩)، و «تحفة المحتاج» (١٠/ ٢١٧، ٢١٨)، و «نهاية المحتاج» (٧/ ٢٤٩)، و «الديباج» (٣/ ٦٣٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>