والإعسارِ، ولا هي مُقدرَّةٌ بالكِفايةِ، وإنما اعتبَرَها الشرعُ بها في الجِنسِ دونَ القَدرِ، ولهذا لا يَجبُ فيها الأُدمُ.
ولأنَّ النَّفقةَ في مُقابلةِ الاستِمتاعِ، وما تَبذلُه مِنْ ذلكَ غيرُ مَحدودٍ، فكذلكَ العِوضُ عنه.
وإذا كانَ وُجوبُها على سَبيلِ الكِفايةِ فيَجبُ على الزوجِ مِنْ النَّفقةِ قَدرُ ما يَكفيها مِنْ الطَّعامِ والإدامِ والدُّهنِ؛ لأنَّ الخُبزَ لا يُؤكلُ عادَةً إلا مَأدومًا، والدُّهنُ لا بُدَّ منه للنِّساءِ، ولا تُقدَّرُ نَفقتُها بالدَّراهمِ والدنانيرِ على أيِّ سِعرٍ كانَتْ؛ لأنَّ فيهِ إضرارًا بأحَدِ الزَّوجينِ؛ إذ السِّعرُ قد يَغلُو وقد يَرخصُ، بل تُقدَّرُ لها على حَسبِ اختلافِ الأسعارِ غَلاءً ورُخصًا؛ رِعايةً للجانبَينِ، ويَجبُ عليه مِنْ الكِسوةِ في كلِّ سَنةٍ مرَّتينِ صَيفيةٌ وشَتويةٌ؛ لأنها كما تَحتاجُ إلى الطعامِ والشَّرابِ تَحتاجُ إلى اللِّباسِ (١).
وذهَبَ الشافِعيةُ في المَذهبِ والقاضي مِنْ الحَنابلةِ إلى أنَّ مِقدارَ النَّفقةِ مُقدَّرٌ مُحدَّدٌ، إلا أنه مُختلِفٌ باليَسارِ والإعسارِ والتوسُّطِ عندَ الشافِعيةِ.
(١) «بدائع الصنائع» (٤/ ٢٣)، و «الاختيار» (٤/ ٤)، و «الإشراف على نكت مسائل الخلاف» (٤/ ٦٢، ٦٣)، رقم (١٤٠٨)، و «التاج والإكليل» (٣/ ٢٢٩)، و «الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي» (٣/ ٤٧٩، ٤٨٠)، و «شرح صحيح مسلم» (١٢/ ٧)، و «النجم الوهاج» (٨/ ٢٢٩)، و «مغني المحتاج» (٥/ ١٥٠)، و «تحفة المحتاج» (١٠/ ١٤٤)، و «نهاية المحتاج» (٧/ ٢١٧)، و «الإفصاح» (٢/ ٢٠٧)، و «المغني» (٨/ ١٥٧)، و «المبدع» (٨/ ١٨٦)، و «الإنصاف» (٩/ ٣٥٥)، و «كشاف القناع» (٥/ ٥٤٠، ٥٤١)، و «شرح منتهى الإرادات» (٥/ ٦٤٩).