للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بكَونِها مَحبوسةً بحَقِّ الزَّوجِ مَمنوعةً عن الكَسبِ لحَقِّه، فكانَ وُجوبُها بطَريقِ الكِفايةِ.

وقالَ النبي : «ولَهنَّ عَليكُم رِزقُهنَّ وكِسوَتُهنَّ بالمَعروفِ» (١)، وإيجابُ أقلَّ مِنْ الكِفايةِ في الرِّزقِ تَركٌ للمَعروفِ، وإيجابُ قَدرِ الكِفايةِ وإنْ كانَ أقلَّ مِنْ مُدٍّ أو مِنْ رَطلَي خُبزٍ إنفاقٌ بالمَعروفِ، فيَكونُ ذلكَ هو الواجِبَ بالكِتابِ والسُّنةِ.

وعن حَكيمِ بنِ مُعاويةَ القُشَيريِّ عن أبيه عنِ النبيِّ قالَ: سَألَه رَجلٌ: «ما حَقُّ المَرأةِ على الزوجِ؟ قالَ: تُطعمُها إذا طَعِمتَ وتَكسوها إذا اكتَسَيتَ، ولا تَضربِ الوَجهَ ولا تُقبِّحْ، ولا تَهجرْ إلا في البَيتِ».

وفي لَفظٍ: «أطعِموهنَّ ممَّا تَأكلونَ، وأكسُوهنَّ ممَّا تَكتسونَ، ولا تَضربوهنَّ ولا تُقبِّحوهنَّ» (٢)، فهذا عامٌّ غيرُ مُقدَّرٍ.

ولقِياسِ نَفقةِ الزَّوجةِ على نَفقةِ الأقاربِ وهي غَيرُ مُقدَّرةٍ بنَفسِها، بل بالكِفايةِ، والتَّقديرُ بالوَزنِ في الكفَّاراتِ ليسَ لكَونِها نَفقةً واجِبةً، بل لكَونِها عِبادةً مَحضةً؛ لوُجوبِها على وَجهِ الصَّدقةِ كالزكاةِ، فكانَتْ مُقدَّرةً بنفسِها كالزكاةِ، ووُجوبُ هذهِ النَّفقةِ ليسَ على وَجهِ الصَّدقةِ، بل على وَجهِ الكِفايةِ، فتَتقدَّرُ بكِفايتِها كنَفقةِ الأقاربِ.

فلا يَصحُّ اعتِبارُ النَّفقةِ بالكفَّاراتِ؛ لأنَّ الكفَّارةَ لا تَختلفُ باليَسارِ


(١) أخرجه مسلم (١٢١٨).
(٢) حَدِيثٌ صَحِيحٌ: رواه أبو داود (٢١٤٣، ٢١٤٤)، وأحمد (٢٠٠٧٢، ٢٠٠٣٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>