والثاني: أنه أثبَتَ لهُمَا إرادةَ الفِصالِ مُطلَقًا عن الوَقتِ، ولا يكونُ الفِصالُ إلا عن الرضاعِ، فدَلَّ على بقاءِ حُكمِ الرضاعِ في مُطلَقِ الوَقتِ إلى أنْ يقومَ الدليلُ على التَّقييدِ.
ولأنَّ الإرضاعَ إنما يُوجِبُ الحُرمةَ لكَونِه مُنبِتًا للحمِ مُنشِزًا للعَظمِ على ما نطَقَ بهِ الحَديثُ، ومِن المُحالِ عادةً أنْ يكونَ مُنبِتًا للحمِ إلى الحَولينِ ثمَّ لا يُنبتُ بعدَ الحَولينِ بساعةٍ لَطيفةٍ؛ لأنَّ اللهَ تعالَى ما أجرَى العادةَ بتَغييرِ الغِذاءِ إلا بعدَ مُدةٍ مُعتبَرَةٍ، ولأنَّ المَرأةَ قد تَلدُ في البردِ الشديدِ والحَرِّ الشديدِ، فإذا تَمَّ على الصبيِّ سَنَتانِ لا يَجوزُ أنْ تُؤمرَ المرأةُ بفِطامِه؛ لأنه يُخافُ منه الهَلاكُ على الولدِ؛ إذ لو لم يُعوَّدْ بغَيرِه مِنْ الطعامِ فلا بدَّ وأنْ تُؤمرَ بالرضاعِ، ومُحالٌ أنْ تُؤمرَ بالرضاعِ ويُحرَّمُ عليها الرضاعُ في وقتٍ واحِدٍ، فدَلَّ أنَّ الرضاعَ بعدَ الحولينِ يكونُ رَضاعًا، إلا أنَّ أبا حَنيفةَ