ورُويَ عنه ﵇:«لا رَضاعَ إلا ما كانَ في الحَولينِ»، والفِطامُ مُعتبَرٌ بمُدتِه لا بنَفسِه.
قالَ أبو الخطَّابِ: لو ارتَضعَ بعدَ الحَولينِ بساعةٍ لم يُحرِّمْ.
وقالَ القاضي: لو شرَعَ في الخامِسةِ فحالَ الحَولُ قبلَ كَمالِها لم يَثبتِ التَّحريمُ.
ولا يَصحُّ هذا؛ لأنَّ ما وُجدَ مِنْ الرَّضعةِ في الحَولينِ كافٍ في التَّحريمِ؛ بدَليلِ ما لو انفَصلَ مما بعدَه، فلا يَنبغي أنْ يَسقطَ حُكمٌ بإيصالِ ما لا أثَرَ له به (١).
وذهَبَ الإمامُ أبو حَنيفةَ إلى أنَّ مُدةَ الرَّضاعِ ثَلاثونَ شَهرًا، ولا يُحرِّمُ بعدَ ذلكَ، سَواءٌ فُطمَ أو لم يَفطمْ، لقَولِه تعالَى: ﴿وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ﴾ [النساء: ٢٣]، أثبَتَ الحُرمةَ بالرَّضاعِ مُطلَقًا عن التعرُّضِ لزَمانِ الإرضاعِ، إلا أنه قامَ الدَّليلُ على أنَّ زَمانَ ما بعدَ الثلاثينَ شهرًا ليسَ بمُرادٍ، فيُعملُ بإطلاقِه فيما وَراءَه.