للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التغليظُ على المُؤمنةِ في العدَّةِ .. فلَأنْ يَجبَ على الكافرةِ أَولى، ومتى اجتَمعَ دَليلٌ وتَنبيهٌ .. قُدمَ التَّنبيهُ؛ لأنه أقوَى (١).

قالَ ابنُ عبدِ البَرِّ : قولُه : «لا يَحلُّ لامرأةٍ تُؤمنُ باللهِ واليَومِ الآخِرِ أنْ تُحِدَّ على مَيتٍ»، هذا لا حُجةَ فيه؛ لأنَّ العلَّةَ حُرمةُ المُسلمِ الذي تَعتدُّ مِنْ مائِه، وجاءَ الحَديثُ بذِكرِ مَنْ يُؤمنُ باللهِ واليومِ الآخِرِ لأنَّ الخِطابَ إلى مَنْ هذهِ حالُه كانَ يَتوجهُ، فدخَلَ المُؤمناتُ في ذلكَ بالذِّكرِ، ودخَلَ غيرُ المُؤمناتِ بالمَعنى الذي ذكَرْنا، كما يقالَ: «هذا طَريقُ المُسلمينَ» ويَدخلُ في مَعناهُ أهلُ الذِّمةِ، وقالَ : «لا يَبِعْ أحَدُكم على بَيعِ أخيه» يَعني المُسلِم، فدخَلَ في ذلكَ الذِّميُّ بالمَعنى، وقد أوجَبَ رَسولُ اللهِ الشُّفعةَ للمُسلمِ وهي واجِبةٌ لأهلِ الذمَّةِ كما تَجبُ للمُسلمِ، إلى أشياءَ يَطولُ ذِكرُها مِنْ هذا البابِ، ولا خِلافَ أنَّ الزَّوجةَ الذِّميةَ في النَّفقةِ والعدَّةِ وجَميعِ أحكامِ الزَّوجاتِ كالمُسلمةِ، وكذلكَ الإحدادُ (٢).

وقالَ الإمامُ ابنُ القَيمِ : الإحدادُ تَستوِي فيه جَميعُ الزَّوجاتِ، المُسلمةُ والكافرةُ، والحرَّةُ والأمَةُ، والصَّغيرةُ والكبيرةُ، وهذا قَولُ الجُمهورِ أحمَدَ والشافِعيِّ ومالكٍ، إلا أنَّ أشهَبَ وابنَ نافِعٍ قالا: لا إحدادَ


(١) «البيان» (١١/ ٨١).
(٢) «التمهيد» (١٧/ ٣١٦)، و «الاستذكار» (٦/ ٢٣١)، و «شرح مختصر خليل» (٤/ ١٤٧)، و «الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي» (٣/ ٤٢٨)، و «البيان» (١١/ ٨٠، ٨١)، و «مغني المحتاج» (٥/ ١٠٥)، و «المغني» (٨/ ١٢٤)، و «كشاف القناع» (٥/ ٥٠٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>