للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقالَ الإمامُ ابنُ المُنذِرِ : بَاب تَخيِير المَفقودِ عندَ قُدومِه بينَ امرَأتِه وبينَ صَداقِها إنْ قَدِمَ بعدَ النكاحِ.

واختَلفُوا في المَفقودِ يَقدمُ وقد نكحَتِ امرَأتُه.

فقالَ عُمرُ بنُ الخطَّابِ: يُخيَّرُ بينَ زَوجتِه وبينَ أنْ يَأخذَ صَداقَها، ورُويَ ذلكَ عن عُثمانَ وعليٍّ، وبه قالَ عَطاءٌ والحَسنُ وخلاسُ بنُ عَمرٍو والنخَعيُّ وأحمَدُ وإسحاقُ.

وفي قَولِ الثوريِّ والشافعيِّ وأهلِ الكُوفةِ: هي زَوجةُ الأولِ.

وفيهِ قَولٌ ثالِثٌ: وهو أنَّ الزَّوجَ الأولَ لا حَقَّ له فيها، ولا يُخيَّرُ إذا جاءَ وقد تَزوَّجتْ، هذا قَولُ مالكٍ (١).

وقالَ شَيخُ الإسلامِ ابنُ تَيميةَ : والصَّوابُ في امرأةِ المَفقودِ مَذهبُ عُمرَ بنِ الخطَّابِ وغيرِه مِنْ الصَّحابةِ، وهو أنها تَتربَّصُ أربَعَ سِنينَ ثم تَعتدُّ للوَفاةِ، ويَجوزُ لها أنْ تَتزوجَ بعدَ ذلكَ، وهي زَوجةُ الثَّاني ظاهِرًا وباطِنًا، ثمَّ إذا قَدِمَ زَوجُها الأولُ بعدَ تَزوُّجِها خُيِّرَ بينَ امرأتِه وبينَ مَهرِها، ولا فرْقَ بينَ ما قبلَ الدخولِ وبعدَه، وهو ظاهِرُ مَذهبِ أحمَدَ، وعلى الأصَحِّ: لا يُعتبَرُ الحاكمُ، فلو مَضتِ المُدةُ والعِدةُ تزوَّجَتْ بلا حُكمٍ … وبالجُملةِ كلُّ صُورةٍ فُرِّقَ فيها بينَ الرَّجلِ وامرأتِه بسَببٍ يُوجبُ الفُرقةَ ثم تَبيَّنَ انتفاءُ ذلكَ السَّببِ فهو شَبيهُ المَفقودِ، والتَّخييرُ فيه بينَ المَرأةِ والمَهرِ هو أعدَلُ الأقوالِ (٢).


(١) «الإشراف على مذاهب العلماء» (٥/ ١٠٩).
(٢) «الفتاوى الكبرى» (٤/ ٥٨٧، ٥٨٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>