للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الرَّجلِ؟ فجاءَ وليُّه، فقالَ: طلِّقْها، ففعَلَ فقالَ عُمرُ: انطَلقِي فتَزوَّجي مَنْ شَئتِ، فتزوَّجَتْ، ثم جاءَ زَوجُها الأولُ، فقالَ له عُمرَ: أينَ كُنتَ؟ فقالَ: استَهوتْني الشَّياطينُ، فواللهِ ما أدرِي في أيِّ أرضٍ، كُنْتُ عندَ قومٍ يَستعبِدونَني حتَّى غَزاهُم قومٌ مُسلمونَ، فكُنتُ فيمَن غَنِموهُ، فقالُوا لي: أنتَ رَجلٌ مِنْ الإنسِ وهَؤلاءُ الجِنُّ، فما لَكَ وما لهُم؟ فأخبَرتُهم خبَرِي، فقالُوا: بأيةِ أرضِ اللهِ تُحبُّ أنْ تُصبحَ؟ قلتُ: بالمَدينةِ هيَ أرضِي، فأصبَحتُ وأنا أنظُرُ إلى الحَرَّةِ -وزادَ البَيهقيُّ في قِصتِه قالَ: -فأما اللَّيلُ فلا يُحدِّثوني، وأما النَّهارُ فإعصارُ رِيحٍ أتبعها إلى آخِرِه، فخيَّرَه عُمرُ، إنْ شاءَ امرَأتَه وإنْ شاءَ الصَّداقَ، فاختارَ الصَّداقَ» (١).

وقَضَى به ابنُ الزُّبيرِ في مَولاةٍ لهُم، ولم يُعرَفْ لهم مُخالِفٌ في عَصرِهم فكانَ إجماعًا.

فعَلى هذا إنْ أمسَكَها الأولُ فهي زَوجتُه بالعَقدِ الأولِ، والمَنصوصُ عن أحمَدَ أنه لا يَحتاجُ الثاني إلى طَلاقٍ؛ لأنَّ نِكاحَه كانَ باطِلًا في الباطنِ.

وقالَ القاضِي: قِياسُ قَولِه أنه يَحتاجُ إلى طَلاقٍ؛ لأنَّ هذا نِكاحٌ مُختلَفٌ في صِحتِه، فكانَ مأمورًا بالطَّلاقِ ليُقطعَ حُكمُ العَقدِ الثاني كسائرِ الأنكِحةِ الفاسِدةِ، ويَجبُ على الأولِ اعتِزالُها حتى تَقضيَ عدَّتَها مِنْ الثاني.

وإنْ لم يَختَرْها الأولُ فإنها تَكونُ مع الثاني، ولم يَذكُروا لها عَقدًا


(١) صَحِيحٌ: رواه سعيد بن منصور في «سننه» (١٧٥٥)، وعبد الرزاق في «مصنفه» (١٢٣٢٠، ١٢٣٢٢)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (١٥٣٤٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>