للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فذهَبَ الحَنفيةُ والشافِعيةُ في الجَديدِ إلى أنه لا يَجوزُ لزَوجتِه أنْ تَتزوَّجَ غيرَه، وأنَّ الزَّوجيةَ باقيةٌ حتى تَتيقنَ موتَه أو طَلاقَه، وزادَ الحَنفيةُ: أو تَمضيَ مُدةٌ لا يَعيشُ مثلُه إلى مثلِها؛ لاختِلافِ الأعمارِ باختِلافِ الأزمانِ، وفي قَولٍ: مائةً وعِشرينَ سَنةً، وقيلَ: مِائةً، وقيلَ: تِسعينَ.

لِما رَواهُ الدارَقطنيُّ عن المُغيرةِ بنِ شُعبةَ مَرفوعًا: «امَرأةُ المَفقودِ امرأتُه حتَّى يأتيَها البَيانُ» (١)، وهو نَصٌّ إنْ ثبَتَ.

قالَ عَليُّ بنُ أبي طالِبٍ في امرَأةِ المَفقودِ: «امرَأةٌ ابتُليَتْ، فلْتَصبِرْ، فلا تَنكحْ حتى يَأتيَها يَقينُ مَوتِه» (٢).

وفي لَفظٍ: «هي امرَأةٌ ابتُليَتْ، فلْتَصبِرْ حتى يَأتيَها موتٌ أو طلاقٌ» (٣).

ولأنَّ مَنْ جُهلَ مَوتُه لم يُحكمْ بوَفاتِه كمَن غابَ أقلَّ مِنْ أربَعِ سِنينَ، ولأنه لمَّا جَرَى عليه حُكمُ الحَياةِ في مالِه مع الجَهلِ بحَياتِه جَرى عليه حُكمُ الحَياةِ في زَوجاتِه كما يَجرِي عليه حُكمُ الحَياةِ في أمَّهاتِ أولادِه، ولأنه لو غابَتِ الزوجةُ حتى خَفِيَ خبَرُها لم يَجُزْ أنْ يُحكمَ بمَوتِها في إباحةِ أختِها لزوجِها ونكاحِ أربَعٍ سِواها، كذلكَ غَيبةُ الزوجِ، ولأنه لمَّا جَرَى عليهِ في غَيبتِه حُكمُ طَلاقِه وظِهارِه جرَى عليها حُكمُ الزوجيةِ في تَحريمِها على غيرِه.


(١) ضَعيفٌ جِدًّا: رواه الدارقطني (٣٨٩٤).
(٢) رواه البيهقي في «السنن الكبرى» (١٥٥٧٤).
(٣) رواه عبد الرزاق في «مصنفه» (١٢٣٣٠، ١٢٣٣٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>