للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وسُئلَ شَيخُ الإسلامِ ابنُ تَيميةَ عن امرَأةٍ شابَتْ لم تَبلغْ سنَّ الإياسِ وكانَتْ عادَتُها أنْ تَحيضَ، فشَربَتْ دَواءً فانقَطعَ عنها الدمُ واستَمرَّ انقِطاعُه، ثم طلَّقَها زَوجُها وهيَ على هذهِ الحالةِ، فهل تَكونُ عدَّتُها مِنْ حينِ الطَّلاقِ بالشُّهورِ؟ أو تَتربصُ حتَّى تَبلغَ سنَّ الآيِساتِ؟

فأجابَ: الحَمدُ للهِ ربِّ العالَمينَ، إنْ كانَتْ تَعلمُ أنَّ الدمَ لا يَأتي فيما بعدُ فعدَّتُها ثَلاثةُ أشهُرٍ، وإنْ كانَ يُمكنُ أنْ يَعودَ الدمُ ويُمكنُ أنْ لا يَعودَ فإنها تَتربصُ بعد سَنةٍ ثم تتزوَّجُ كما قضَى به عُمرُ بنُ الخطَّابِ في المَرأةِ يَرتفعُ حَيضُها لا تَدري ما رفَعَه فإنها تَتربصُ سَنةً، وهذا مَذهبُ الجُمهورِ كمَالكٍ والشافِعيِّ، ومَن قالَ: «إنها تَدخلُ في سنِّ الآيِساتِ» فهذا قَولٌ ضَعيفٌ جِدًّا مع ما فيهِ مِنْ الضررِ الذي لا تَأتي الشَّريعةُ بمِثلِه أو تُمنَعُ مِنْ النكاحِ وقْتَ حاجتِها إليهِ ويُؤذنُ لها فيه حينَ لا تَحتاجُ إليهِ (١).

وقالَ: هذا الذي ذكَرْناهُ هو أحسَنُ قَوليِ الفُقهاءِ وأسهَلُهما، وبه قضَى عُمرُ وغَيرُه، وأما على القَولِ الآخَرِ فهذهِ المُستريبةُ تَبقَى في عدَّةٍ حتى تَطعنَ في سنِّ الإياسِ فتَبقَى على قَولِهم تَمامَ خَمسينَ أو سِتينَ سَنةً لا تتزوَّجُ، ولكنْ في هذا عُسرٌ وحَرجٌ في الدِّينِ وتَضييعُ مَصالحِ المُسلمينَ (٢).


(١) «مجموع الفتاوى» (٣٤/ ٢٤).
(٢) «مجموع الفتاوى» (٣٤/ ٢٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>