وذهَبَ المالِكيةُ والشافِعيةُ والحَنابلةُ في قَولٍ إلى أنَّ الزوجَ إذا لاعَنَ وامتَنعَتِ الزوجةُ فإنها تُحَدُّ حَدَّ الزنا، وحَدُّها الرَّجمُ إنْ كانَ دخَلَ بها ووُجدِتْ فيها شُروطُ الإحصانِ، وإنْ لم يَكنْ دخَلَ بها فالجَلدُ.
قالَ الإمامُ الماوَرديُّ ﵀: فعَلى الحُرَّةِ المُسلمةِ والكِتابيةِ حَدُّ الزنا إنْ لَم تُلاعِنْ، فإنْ كانَتْ بِكرًا فجَلدُ مِائةٍ وتَغريبُ عامٍ، وإنْ كانَتْ مُحصَنةً فالرَّجمُ … وهذا شَرحُ مَذهبِنا في وُجوبِ حَدِّ الزِّنا على الزوجةِ بلِعانِ الزوجِ ما لم تُلاعِنْ.
وقالَ أبو حَنيفةَ: الواجِبُ عليها اللعانُ دونَ الحَدِّ، فإنِ امتَنعَتْ عنِ اللعانِ حُبسَتْ حتى تُلاعِنَ، ولم تُحَدَّ؛ استِدلالًا برِوايةِ عُثمانَ بنِ عفَّانَ ﵁ أنَّ النبيَّ ﷺ قالَ:«لا يَحِلُّ دمُ امرِئٍ مُسلِمٍ إلا بإحدَى ثلاثِ خِصالٍ: كُفرٌ بعدَ إيمانٍ، أو زِنًا بعدَ إحصانٍ، أو قَتلٌ بغَيرِ نفسٍ»، فمنَعَ هذا الخبَرُ مِنْ قَتلِها بغَيرِ هذهِ الثلاثِ خِصالٍ، ووُجوبُ الحَدِّ عليها بلِعانِ الزوجِ مُفضٍ إلى قَتلِها إنْ كانَتْ مُحصَنةً، وفيه إثباتُ ما نفاهُ الخبَرُ، ولأنه قَولٌ لا يَجبُ بهِ الحَدُّ على غَيرِ الزوجةِ، فوجَبَ أنْ لا يَجبَ به حَدٌّ على الزوجةِ كالأيمانِ طَردًا والشهادةِ عَكسًا، قالوا: ولأنَّ اللِّعانَ عندَ الشافعيِّ يَمينٌ، وهو لا يَحكمُ بالنُّكولِ عليها، وفي حَدِّها إنِ امتَنعَتْ مِنْ اللِّعانِ حُكمٌ عليها بالنُّكولِ، وهذا تَناقضٌ في القَولِ.