الدليلُ السادسُ: أنه سُبحانَه قالَ: ﴿وَإِنْ عَزَمُوا الطَّلَاقَ فَإِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (٢٢٧)﴾ [البقرة: ٢٢٧]، فاقتَضى أنْ يكونَ الطلاقُ قَولًا يُسمَعُ؛ ليَحسُنَ خَتمُ الآيةِ بصفَةِ السَّمعِ.
الدليلُ السابعُ: أنه لو قالَ لغَريمِه: «لكَ أجَلٌ أربَعةُ أشهُرٍ، فإنْ وفَّيتَني قَبلْتُ منكَ، وإنْ لم تُوفِّني حبَستُكَ» كانَ مُقتضاهُ أنَّ الوفاءَ والحَبسَ بعدَ المدَّةِ لا فيها، ولا يَعقلُ المُخاطَبُ غيرَ هذا.
الدليلُ الثامنُ: أنه سُبحانَه جعَلَ للمُؤلِينَ شَيئًا وعليهم شَيئَينِ، فالذي لهُم تَربُّصُ المدَّةِ المَذكُورةِ، والذي عَليهم إمَّا الفَيئةُ وإمَّا الطلاقُ، وعندَ الحَنفيةِ ليسَ عَليهم إلا الفَيئةُ فقطْ، وأمَّا الطلاقُ فليسَ عليهم، بل ولا إلَيهم، وإنَّما هو إليهِ سُبحانَه عندَ انقِضاءِ المدَّةِ، فيُحكَمُ بطَلاقِها عَقِيبَ انقِضاءِ المدَّةِ، شاءَ أو أبَى، ومَعلومٌ أنَّ هذا ليسَ إلى المُؤلي ولا عليهِ، وهو خِلافُ ظاهِرِ النَّصِّ.
قالوا: ولأنها يَمينٌ باللهِ تَعالى تُوجِبُ الكفَّارةَ، فلم يَقعْ بها الطلاقُ كَسائرِ الأيمانِ، ولأنها مدَّةٌ قدَّرَها الشَّرعُ لم تَتقدَّمْها الفُرقةُ، فلا يَقعُ بها بَينونةٌ كأجَلِ العِنِّينِ، ولأنه لَفظٌ لا يَصحُّ أنْ يَقعَ بهِ الطلاقُ المعجَّلُ، فلم يَقعْ به المؤجَّلُ كالظِّهارِ، ولأنَّ الإيلاءَ كانَ طلاقًا في الجَاهليةِ فنُسِخَ كالظِّهارِ، فلا يَجوزُ أنْ يَقعَ بهِ الطلاقُ؛ لأنه استِيفاءٌ للحُكمِ المَنسوخِ ولِمَا كانَ عليهِ أهلُ الجَاهليةِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://www.shamela.app/page/contribute