إلا أنَّ الحَنفيةَ قالوا: إذا كانَتْ أيَّامُها في الحَيضِ عشرةً -وهيَ أكثَرُ مدَّةِ الحَيضِ عندَهم- لا تَصحُّ الرجعةُ، وتَحلُّ للأزواجِ بمُجرَّدِ انقِطاعِ الدَّمِ مِنْ الحَيضةِ الثالثةِ وإنْ لم تَغتسلْ؛ لأنَّ الحَيضَ لا مَزيدَ له عن العَشرةِ، فبمُجرَّدِ الانقِطاعِ خرَجَتْ عن الحَيضِ فانقَضَتِ العدَّةِ وانقطَعَتِ الرجعةُ.
وإنِ انقطَعَ لأقلَّ مِنْ عشرةٍ أيامٍ لم تَنقطعِ الرجعةُ حتى تَغتسلَ؛ لأنَّ فيما دُونَ العشرةِ يُحتملُ عَودُ الدَّمِ، فيَكونُ حَيضًا؛ لبَقاءِ المدَّةِ، فلا بُدَّ مِنْ الغُسلِ، أو بلُزومِ حُكمٍ مِنْ أحكامِ الطاهِراتِ، بأنْ يَمضيَ عليها وَقتُ صلاةٍ فتَصيرُ دَينًا في ذمَّتِها، وهيَ لا تَجبُ إلا على الطاهِراتِ، وهذا إذا انقطَعَ أوَّلَ الوَقتِ، فإنِ انقطَعَ آخِرَ الوقتِ يُعتبَرُ أدنى وَقتٍ تَقدِرُ فيهِ على الاغتسالِ والتَّحريمةِ، أو تَتيَممُ وتُصلِّي فيه ولو نَفلًا إذا كانَتْ مُسافِرةً أو لعُذرٍ عندَ أبي حَنيفةَ وأبي يُوسفَ، وقالَ مُحمدٌ: إذا تَيمَّمتْ للعُذرِ انقطَعَتِ الرجعةُ وإنْ لم تُصلِّ (١).
وحُكيَ عن الإمامِ أحمَدَ ﵀ أنها في عدَّتِها ولزَوجِها رَجعتُها حتى يَمضيَ وَقتُ الصلاةِ التي طَهرَتْ في وَقتِها.
وعنهُ رِوايةٌ أنها تَنقضِي عدَّتُها بمُجرَّدِ طُهرِها مِنْ الحَيضةِ الثالثةِ ولا تَقفُ على الغُسلِ.
(١) «بدائع الصنائع» (٣/ ١٨٣، ١٨٤)، و «الجوهرة النيرة» (٤/ ٤٨٢، ٤٨٣)، و «الاختيار» (٣/ ١٨٣)، و «شرح فتح القدير» (٤/ ٣٠٨)، و «تبيين الحقائق» (٣/ ٢٦، ٢٧)، و «اللباب» (٢/ ١٠١).