وقالَ الإمامُ ابنُ رُشدٍ ﵀: وأمَّا اختِلافُهم فيما تَكونُ بهِ الرَّجعةُ فإنَّ قومًا قالُوا: لا تَكونُ الرجعةُ إلا بالقَولِ فقَطْ، وبهِ قالَ الشافعيُّ.
وقومٌ قالُوا: تَكونُ رَجعَتُها بالوَطءِ، وهؤلاءِ انقَسمُوا قِسمَينِ، فقالَ قومٌ: لا تَصحُّ الرجعةُ بالوَطءِ إلا إذا نوَى بذلكَ الرجعةَ؛ لأنَّ الفِعلَ عِندَه يَتنزَّلُ مَنزلةَ القَولِ معَ النِّيةِ، وهوَ قولُ مالكٍ.
وأما أبو حَنيفةَ فأجازَ الرجعةَ بالوَطءِ إذا نَوى بذلكَ الرجعةَ ودُونَ النِّيةِ.
فأمَّا الشافعيُّ فقاسَ الرجعةَ على النكاحِ وقالَ: قَدْ أمَرَ اللهُ بالإشهادِ، ولا يَكونُ الإشهادُ إلا على القولِ.
وأمَّا سَببُ الاختلافِ بينَ مالكٍ وأبي حَنيفةَ: فإنَّ أبا حَنيفةَ يَرى أنَّ الرجعيةَ مُحلَّلةُ الوَطءِ عندَه؛ قِياسًا على المُولَى مِنها وعلى المُظاهَرةِ، ولأنَّ المِلكَ لم يَنفصلْ عندَه، ولذلكَ كانَ التَّوارثُ بينَهُما، وعندَ مالِكٍ أنَّ وطْءَ الرجعيةِ حَرامٌ حتَّى يَرتجِعَها، فلا بُدَّ عِندَه مِنْ النَّيةِ، فهذا هو اختِلافُهم في شُروطِ صحَّةِ الرجعةِ (١).
(١) «بداية المجتهد» (٢/ ٦٤).
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://www.shamela.app/page/contribute