للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويَجبُ عليهِ بوَطءِ الرجعيةِ مَهرُ مِثلٍ جَزمًا إنْ لَم يُراجِعْ؛ لأنها في تَحريمِ الوَطءِ كالمُتخلِّفةِ في الكُفرِ، فكذا في المَهرِ، ولا يَجبُ إلا مَهرٌ واحِدٌ وإنْ تَكرَّرَ الوَطءُ؛ لاتِّحادِ الشُّبهةِ.

وكذا يَجبُ المَهرُ إنْ راجَعَ بعدَ الوَطءِ على المَذهبِ المَنصوصِ؛ لأنَّ الرجعةَ لا تَرفعُ أثَرَ الطلاقِ، وليسَتِ الرَّجعيةُ زَوجةً مِنْ كلِّ وَجهٍ؛ لتَزلزُلِ العَقدِ بالطلاقِ، فمُوجِبُ مَهرِ المِثلِ بَعدُه الشُّبهةُ لا عقدُ النكاحِ، فالمَهرُ قد وجَبَ بوَطءِ الشُّبهةِ دُونَ العَقدِ، وهذا يَرفعُ استِشكالَ مَنْ قالَ: «إيجابُ المَهرِ بالوَطءِ يُؤدِّي إلى إيجابِ مهرَينِ في عَقدٍ واحدٍ»، وأُجيبَ بأنَّ المَهرَ الثاني بوَطءِ الشُّبهةِ لا بالعَقدِ.

وفي قَولٍ مُخرَّجٍ: لا يَجبُ المَهرُ إذا راجَعَ بعدَ الوَطءِ (١).

وقالَ ابنُ عبدِ البَرِّ : ولا أعلَمُ أحَدًا أوجَبَ عليهِ مَهرَ المِثلِ غيرَ الشافِعيِّ، وليسَ قولُه بالقَويِّ؛ لأنها في حُكمِ الزوجاتِ وتَرثُه ويَرثُها، فكيفَ يَجبُ مَهرُ المِثلِ في وَطءٍ امرَأةٍ حُكمُها في أكثَرِ أحكامِها حُكمُ الزوجةِ؟

إلا أنَّ الشُّبهةَ في قَولِ الشافِعيِّ قَويةٌ؛ لأنها عليهِ مُحرَّمةٌ إلا برَجعةٍ لها، وقَد أجمَعُوا على أنَّ المَوطوءَةَ بشُبهةٍ يَجبُ لها المَهرُ، وحسْبُكَ بهذا (٢).


(١) «روضة الطالبين» (٥/ ٥٣٣)، و «كنز الراغبين» (٤/ ١٥، ١٥)، و «النجم الوهاج» (٨/ ١٧، ١٨)، و «مغني المحتاج» (٥/ ١٢)، و «تحفة المحتاج» (٩/ ٦٠٧، ٦٠٨)، و «نهاية المحتاج» (٧/ ٧٢، ٣)، و «الديباج» (٣/ ٤٨٥، ٤٨٦).
(٢) «الاستذكار» (٦/ ١٦٢)، و «تفسير القرطبي» (٣/ ١٢١، ١٢٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>