للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

على عَهدِ رَسولِ اللهِ ، فسَألَ عُمرُ بنُ الخطَّابِ رَسولَ اللهِ عن ذلكَ، فقالَ رَسولُ اللهِ : «مُرْهُ فلْيُراجِعْها ثمَّ لِيُمسِكْها حتى تَطهُرَ ثمَّ تَحيضَ ثمَّ تَطهرَ، ثمَّ إنْ شاءَ أمسَكَ بعدُ وإنْ شاءَ طلَّقَ قبلَ أنْ يمَسَّ، فتِلكَ العِدَّةُ التي أمَرَ اللهُ أنْ تُطلَّقَ لها النساءُ» (١).

ولأنَّه لو لم يُراجِعْها فيه حتَّى طَهُرتْ تَقرَّرَت المَعصيةُ؛ عَملًا بحَقيقةِ الأمرِ ورَفعًا للمَعصيةِ بالقَدرِ المُمكِنِ برَفعِ أثَرِها وهو العدَّةُ.

ولأنَّ الطلاقَ لمَّا كانَ مُحرَّمًا في هذا الزَّمنِ كانَ بقاءُ النكاحِ واستِدامتُه فيهِ واجبًا، فإنَّ الاستِدامةَ هاهُنا واجِبةٌ لأجْلِ الوقتِ؛ فإنَّه لا يَجوزُ فيهِ الطلاقُ.

ولأنَّ الرَّجعةَ إمساكٌ، بدَليلِ قَولِه: ﴿الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ﴾ [البقرة: ٢٢٩]، فالإمساكُ: مُراجَعتُها في العدَّةِ، والتَّسريحُ: تَركُها حتى تَنقضيَ عدَّتُها، وإذا كانَتِ الرَّجعةُ إمساكًا فلا رَيبَ في وُجوبِ إمساكِها في زمَنِ الحيضِ وتَحريمِ طَلاقِها، فتَكونُ واجِبةً (٢).

وإذا طلَّقَ في الحَيضِ وامتَنعَ الزوجُ مِنَ الرَّجعةِ فإنَّ الحاكِمَ يَرتجِعُ لهُ جبْرًا عليهِ عندَ المالِكيةِ (٣).


(١) رواه البخاري (٤٩٥٣)، ومسلم (١٤٧١).
(٢) «حاشية ابن القيم على سنن أبي داود» (٦/ ١٧٢)، و «مجمع الأنهر شرح ملتقى الأبحر» (٢/ ٧)، و «درر الحكام شرح غرر الأحكام» (٤/ ١٩٩، ٢٠٠)، و «الفتاوى الهندية» (١/ ٣٤٩)، و «الكافي» (٣/ ١٦١).
(٣) «شرح مختصر خليل» (٤/ ٧٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>