للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فذهَبَ جُمهورُ الفُقهاءِ الحَنفيةُ والمالِكيةُ والشافِعيةُ والحَنابلةُ إلى أنه يُشترطُ التلفُّظُ به، فلو قالَ: «أنتِ طالقٌ» بلِسانِه ثمَّ نوَى بقَلبِه «إنْ شاءَ اللهُ» لَزمَه الطلاقُ، أو: «أنتِ طالقٌ ثلاثًا» ونوَى بقَلبِه «إلا واحدةً» لَزمَه الطلاقُ الثلاثُ، ولا يُقبَلُ في الحُكمِ؛ لأنه نَصَّ على الثلاثِ فلا يَسقطُ بعضُهنَّ بالنِّيةِ، ويُديَّنُ فيما بينَه وبينَ اللهِ في أحَدَ الوجهَينِ عندَ الشافِعيةِ والحَنابلةِ، والوَجهُ الثاني: لا.

قالَ الإمامُ النَّوويُّ : وقَولُه : «لو قالَ: «إنْ شاءَ اللهُ» لم يَحنَثْ» فيه إشارةٌ إلى أنَّ الاستثناءَ يكونُ بالقَولِ ولا تَكفي فيهِ النيَّةُ، وبهذا قالَ الشافعيُّ وأبو حَنيفةَ ومالكٌ وأحمَدُ والعُلماءُ كافَّةً، إلا ما حُكيَ عن بَعضِ المالِكيةِ أنَّ قياسَ قَولِ مالكٍ صحَّةُ الاستِثناءِ بالنِّيةِ مِنْ غيرِ لَفظٍ (١).

وقالَ القاضي عبدُ الوَهابِ : لا يَكونُ الاستِثناءُ إلا نُطقًا، فإنْ نَواهُ أو عقَدَه مِنْ غيرِ نُطقٍ لم ينفَعْه، والأصلُ فيهِ قَولُه : «مَنْ حلَفَ فقالَ: «إنْ شاءَ اللهُ» رجَعَ غيرَ حانِثٍ»، وذلكَ يُفيدُ النُّطقَ؛ لأنه رَفعٌ لحُكمِ اليَمينِ كالكفَّارةِ، ولو نوَى أنَّ عبدَه حرٌّ عنِ الكفَّارةِ لم يجز إلا أنْ يَتلفَّظَ بهِ (٢).


(١) «شرح صحيح مسلم» (١١/ ١١٩، ١٢٠).
(٢) «المعونة» (١/ ٤١٩)، ويُنظَر: بداية المجتهد» (١/ ٣٠٢)، و «التاج والإكليل» (٢/ ٢٨٢)، و «شرح مختصر خليل» (٣/ ٥٥)، و (٤/ ٥٣، ٥٤)، و «الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي» (٢/ ٤٠٤)، و (٣/ ٢٨٣)، و «تحبير المختصر» (٢/ ٤٦٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>