وقالَ أحمدُ في المَريضِ يَسجُدُ على شَيءٍ رفعَه إلى جَبهتِه: أحَبُّ إلَيَّ ألَّا يَرفَعَه، فإن فعلَ فلَا بَأسَ، ويَسجُدُ على المِرفَقةِ أحَبُّ إلَيَّ مِنْ أن يُومِئَ برَأسِه، حَديثُ أُمِّ سَلمةَ، وابنِ عبَّاسٍ، وكذلك قالَ إسحاقُ، ويُجزِئُ عندَ أصحابِ الرَّأيِ السُّجودُ على الوِسادةِ أو المِرفَقَةِ إذا وُضِعَت بالأرضِ.
قالَ أبو بَكرٍ: على المَريضِ أن يُصلِّيَ على قَدرِ طاقَتِه، فإذا صلَّى قاعِدًا وهوَ عاجِزٌ عن القِيامِ وأمكَنَهُ الرُّكوعُ والسُّجودُ، لم يُجزِئه، إلَّا أن يَأتيَ بذلكَ على قَدرِ ما يُمكِنُه، فإن لم يقدِر على السُّجودِ؛ أَومَأَ برَأسِه يَبلُغُ بالإيماءِ ما أمكَنَه، فإذا بلغَ مِنْ الإيماءِ ما أمكَنَه، فرفعَ إليه عُودًا أو مَخدَّةً، فرَأى في جَبهتِه بعدَ بُلوغِه مِنْ الإيماءِ بمِقدارِ إمكانِه، فلا شَيءَ عليه ويُجزِئُه؛ لأنَّه قد أتَى مِنْ الإيماءِ قَدرَ طاقَتِه فليس يَضُرُّه مُلاقاةُ العُودِ أو المَخدَّةِ، وممَّا مَسَّته جَبهتُه في هذه الحالِ، وإن قصَّر عمَّا يُمكِنُه مِنْ الإيماءِ لَمَا رفعَ إلى جَبهتِه مِنْ العُودِ أو غيرِه لم يُجزِئه، ويُجزِئُه السُّجودُ على المَخدَّةِ، وإن أمكَنَه السُّجودُ على الأرضِ فأكرَهُ له ذلكَ، وأجعَلُ سُجودَه على المَخدَّةِ بمَنزِلةِ سُجودِه على رَبوَةٍ من الأرضِ، ويَجعلُ -إذا كانَ سُجودُه ورُكوعُه إيماءً- السُّجودَ أخفَضَ من الرُّكوعِ» (١).
(١) «الأوسط» لابن المُنذِر (٧/ ١٧٩، ١٨٧)، و «مُوطَّأ مالك» رواية محمد بن الحسن (١/ ٩٥)، و «الاستذكار» (٢/ ٣٣٥)، و «معاني الآثار» (١/ ٣٥٢)، و «المبسوط» (١/ ٢١٧)، و «الهداية» (١/ ٧٧)، و «البحر الرَّائق» (٢/ ١٢٣)، وابنُ عابِدِين (٢/ ٩٨)، و «التاج والإكليل» (١/ ٥٤٦)، و «الذَّخيرة» (٢/ ١٩٤)، و «الثمر الداني» (١/ ٢٠٦)، و «المغني» (٢/ ٦٧)، و «المُبدع» (١/ ٤٥٤).