للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثلاثًا قبْلَ مَوتي بشَهرٍ» هيَ طالِقٌ الساعةَ، كانَ سَعيدُ بنُ المُسيّبِ والزُّهريُّ لا يُوقِّتونَ في الطَّلاقِ، قالَ مُهَنَّا: فقُلتُ لهُ: أَفتَتزوَّجُ هذهِ الَّتي قالَ لها: «أنتِ طالِقٌ ثلاثًا قبْلَ مَوتي بشَهرٍ»؟ قالَ: لا، ولكنْ يُمسِكُ عنِ الوَطءِ أبدًا حتَّى يَموتَ. هذا لَفظُه.

وهو في غايةِ الإشكالِ؛ فإنهُ قد أوقَعَ عليها الطَّلاقَ مُنجَّزًا، فكيفَ يَمنعُها مِنْ التَّزويجِ؟

وقَولُه: «يُمسِكُ عنِ الوَطءِ أبدًا» يَدلُّ على أنها زَوجَتَه إلَّا أنهُ لا يَطؤُها، وهذا لا يَكونُ معَ وُقوعِ الطَّلاقِ؛ فإنَّ الطَّلاقَ إذا وقَعَ زالَتْ أحكامُ الزَّوجيَّةِ كُلُّها.

فقَدْ يُقالُ: أخَذَ بالاحتِياطِ فأوقَعَ الطَّلاقَ ومَنعَها مِنَ التَّزويجِ للخِلافِ في ذلكَ، فحَرَّمَ وطْأَها وهوَ أثرُ الطَّلاقِ، ومنَعَها مِنْ التَّزويجِ؛ لأنَّ النِّكاحَ لم يَنقطِعْ بإجماعٍ ولا نَصٍّ.

ووَجهُ هذا: أنهُ إذا كانَ الطَّلاقُ ثلاثًا لَم يَحلَّ وَطؤُها بعْدَ الأجَلِ، فيَصيرُ حالُ الوَطءِ مُؤقَّتًا، وإنْ كانَ رَجعيًّا جازَ لهُ وَطؤُها بعْدَ الأجَلِ، فلا يَصيرُ الحالُ مُؤقَّتًا، وهذا أفقَهُ مِنْ القَولِ الأوَّلِ.

والقَولُ الرَّابعُ: أنها لا تَطلُقُ إلَّا عِنْدَ مَجيءِ الأجَلِ، وهوَ قولُ الجُمهورِ، وإنَّما تَنازَعُوا: هل هو مُطلِّقٌ في الحالِ ومَجيءُ الوَقتِ شَرطٌ لنُفوذِ الطَّلاقِ؟ كما لَو وَكَّلَه في الحالِ وقالَ: «لا تَتصرَّفْ إلى رأسِ الشَّهرِ» فمَجيءُ رَأسِ

<<  <  ج: ص:  >  >>