للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وحُجَّتُهم أنْ قالوا: لَو لَم يَقعْ في الحالِ لَحَصلَ مِنهُ استباحةُ وَطءٍ مُؤقَّتٍ، وذلكَ غَيرُ جائِزٍ في الشَّرعِ؛ لأنَّ استباحةَ الوَطءِ فيهِ لا تكونُ إلَّا مُطلَقًا غيْرَ مُؤقَّتٍ، ولهذا حَرُمَ نِكاحُ المُتعةِ لدُخولِ الأجَلِ فيهِ، وكذلكَ وَطءُ المُكاتِبةِ، أَلا تَرَى أنهُ لَو عَرى مِنَ الأجَلِ بأنْ يقولَ: «إنْ جِئتِني بألفِ دِرهمٍ فأنتِ حُرَّةٌ» لم يَمنعْ ذلكَ الوَطءَ.

قالَ المُوقِعونَ عِنْدَ الأجَلِ: لا يَجوزُ أنْ يُؤخذَ حُكمُ الدَّوامِ مِنْ حُكمِ الابتِداءِ؛ فإنَّ الشَّريعةَ فرَّقَتْ بيْنَهما في مَواضِعَ كَثيرةٍ، فإنَّ ابتِداءَ عَقدِ النِّكاحِ في الإحرامِ فاسِدٌ دُونَ دَوامِه، وابتداءَ عَقدِه على المُعتدَّةِ فاسِدٌ دُونَ دَوامِه، وابتِداءَ عَقدِه على الأمَةِ معَ الطَّولِ وعَدمِ خَوفِ العَنَتِ فاسِدٌ دُونَ دَوامِه، وابتداءَ عَقدِه على الزَّانيةِ فاسِدٌ عِنْدَ أحمدَ ومَن وافَقَه دُونَ دَوامِه، ونَظائرُ ذلكَ كَثيرةٌ جِدًّا.

قالوا: والمَعنَى الَّذي حَرُمَ لأجْلِه نِكاحُ المُتعةِ كَونُ العَقدِ مُؤقَّتًا مِنْ أصلِه، وهذا العَقدُ مُطلَقٌ، وإنما عرَضَ لهُ ما يُبطِلُه ويَقطعُه، فلا يَبطُلُ، كما لو عَلَّقَ الطَّلاقَ بشَرطٍ وهو يَعلَمُ أنها تَفعلُه أو يَفعلُه هوَ ولا بُدَّ ولكنْ يَجوزُ تَخلُّفُه.

والقَولُ الثَّالثُ: أنهُ إنْ كانَ الطَّلاقُ المُعلَّقُ بمَجيءِ الوَقتِ المَعلومِ ثلاثًا وقَعَ في الحالِ، وإنْ كانَ رَجعيًّا لم يَقعْ قبْلَ مَجيئِه، وهذا إحدَى الرِّوايتينِ عنِ الإمامِ أحمَدَ، نَصَّ عليهِ في رِوايةِ مُهَنَّا: إذا قالَ: «أنتِ طالِقٌ

<<  <  ج: ص:  >  >>