للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِمَنْ لا يكونُ عارِفًا بدَلالةِ الكِتابِ والسُّنةِ، فكيفَ بمَن كانَ عارِفًا بدَلالةِ الكِتابِ والسُّنةِ.

فإنَّ القائِلَ بوُقوعِ الطَّلاقِ ليسَ مَعهُ مِنَ الحُجَّةِ ما يُقاوِمُ قولَ مَنْ نَفَى وُقوعَ الطَّلاقِ، ولوِ اجتَهدَ مَنِ اجتَهدَ في إقامةِ دَليلٍ شَرعيٍّ سالِمٍ عَنِ المُعارِضِ المُقاوِمِ على وُقوعِ الطَّلاقِ على الحالِفِ لَعَجَزَ عن ذلكَ كما عَجزَ عَنْ تَحديدِ ذلكَ، فهل يَسوغُ لأحَدٍ أنْ يَأمُرَ بما يُخالِفُ إجماعَ المُسلمينَ ويُخرِجُ عن سَبيلِ المُؤمنينَ؟ فإنَّ القولَ الَّذي ذهَبَ إليهِ بعضُ العُلماءِ وهو لَم يُعارِضْ نَصًّا ولا إجماعًا ولا ما في مَعنَى ذلكَ ويُقدِّمُ عليهِ الدَّليلَ الشَّرعيَّ مِنْ الكِتابِ والسُّنةِ والقياسِ الصَّحيحِ ليسَ لأحَدٍ المَنعُ مِنَ الفُتيا بهِ والقَضاءِ بهِ وإنْ لم يَظهرْ رُجحانُه، فكيفَ إذا ظهَرَ رُجحانُه بالكِتابِ والسُّنةِ وبَيَّنَ ما للهِ فيهِ مِنَ المِنَّةِ، فإنَّ اللهَ تعالَى يَقولُ: ﴿قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ﴾، وقالَ في كِتابِه: ﴿ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ﴾، وقَد ثبَتَ في الصَّحيحِ عَنِ النَّبيِّ أنهُ قالَ: «مَنْ حلَفَ على يَمينٍ فرأَى غيْرَها خَيرًا مِنها فلْيُكفِّرْ عَنْ يَمينِه ولْيَأتِ الَّذي هوَ خَيرٌ»، وهذا مَرويٌّ عنِ النَّبيِّ مِنْ وُجوهٍ كثيرةٍ، وفي «مُسلِمٍ» مِنْ حَديثِ أبي هُريرةَ وعَديِّ بنِ حاتِمٍ وأبي مُوسَى الأشعريِّ وفي «الصَّحيحَينِ أنَّ النَّبيَّ قالَ لعَبدِ الرَّحمنِ بنِ سَمُرَةَ: «إذا حَلفْتَ على يَمينٍ فرَأيتَ غيْرَها خَيرًا مِنها إلَّا أَتيتَ الَّذي هو خَيرٌ وتَحلَّلْتَها»، وفي «الصَّحيحَينِ» عن أبي هُريرةَ عنِ

<<  <  ج: ص:  >  >>