للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

«إنْ فَعلْتُ كذا فعَليَّ عِتقُ رَقبةٍ، أو فعَبدِي حُرُّ» وقَصدُه أنْ لا يَفعلَه فهذا مَوضِعُ النِّزاعِ؛ هل يَلزمُه العِتقُ في الصُّورتَينِ؟ أو لا يَلزمُه في الصُّورتَينِ؟ أو يُجزيهِ كفَّارةُ يَمينٍ؟ أو يُجزيهِ الكفَّارةُ في تَعليقِ الوُجوبِ دُونَ تَعليقِ الوُقوعِ؟ وهذهِ الأقوالُ الثَّلاثةُ في الطَّلاقِ.

ولو قالَ اليَهوديُّ: «إنْ فَعلْتُ كذا فأنا مُسلِمٌ» وفعَلَه لم يَصِرْ مُسلِمًا بالاتِّفاقِ؛ لأنَّ الحالِفَ حلَفَ بما يَلزمُه وُقوعُه، وهكذا إذا قالَ المُسلِمُ: «إنْ فَعلْتُ كذا فنِسائي طَوالِقُ وعَبيدِي أحرارٌ وأنا يَهوديٌ»، هو يَكرهُ أنْ يُطلِّقَ نِساءَه ويُعتِقَ عَبيدَه ويُفارِقَ دِينَه، مع أنَّ المَنصوصَ عنِ الأئمَّةِ الأربعةِ وُقوعُ العِتقِ.

ومَعلومٌ أنَّ سَبعةً مِنْ الصَّحابةِ مِثلَ ابنِ عُمرَ وابنِ عبَّاسٍ وأبي هُريرةَ وعائِشةَ وأمِّ سَلَمةَ وحَفصةَ وزَينبَ رَبيبةِ النِّبيِّ أجَلُّ مِنْ أربعةٍ مِنْ عُلماءِ المُسلمِينَ، فإذا قالوا هم وأئِمَّةُ التَّابعِينَ أنهُ لا يَلزمُه العِتقُ المَحلوفُ بهِ بَلْ يُجزيهِ كفَّارةُ يَمينٍ؛ كانَ هذا القَولُ مع دَلالةِ الكِتابِ والسُّنةِ إنَّما يَدلُّ على هذا القَولِ، فكيفَ يُسوغُ لمَن هو مِنْ أهلِ العِلمِ والإيمانِ أنْ يُلزِمَ أمَّةَ مُحمدٍ بالقَولِ المَرجوحِ في الكِتابِ والسُّنةِ والأقيِسةِ الصَّحيحةِ الشَّرعيَّةِ؟ مع ما لهُم مِنْ مَصلحةِ دِينِهم ودُنياهُم، فإنَّ في ذلكَ مِنْ صِيانةِ أنفُسِهم وحَريمِهم وأموالِهم وأعراضِهم وصَلاحِ ذاتِ بَيْنِهم وصِلةِ أرحامِهم واجتِماعِهم على طاعةِ اللهِ ورَسولِه واستِغنائِهمْ عن مَعصيةِ اللهِ ورَسولِه ما يُوجِبُ تَرجيحَه

<<  <  ج: ص:  >  >>