للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قولُ أبي حَنيفةَ؛ لأنَّ ذلكَ يُسمَّى حَلِفًا عُرفًا فيَتعلَّقُ الحُكمُ به، كما لو قالَ: «إنْ دَخلْتِ الدَّارَ فأنتِ طالِقٌ»، ولأنَّ في الشَّرطِ مَعنَى القسَمِ مِنْ حَيثُ كَونِه جُملةً غيْرَ مُستقلَّةٍ دُونَ الجَوابِ، فأشبَهَ قَولَه: واللهِ وبِاللهِ وتَاللهِ.

وقالَ القاضي في «المُجرَّد»: هو تَعليقُه على شَرطٍ يَقصِدُ بهِ الحَثَّ على الفِعلِ أو المَنعَ مِنهُ، كقَولِه: «إنْ دَخلْتِ الدَّارَ فأنتِ طالِقٌ، وإنْ لَم تَدخُلي فأنتِ طالِقٌ» أو على تَصديقِ خَبَرِه مِثلَ قَولِه: «أنتِ طالِقٌ لقُدومِ زَيدٌ، أو لَم يَقدُمْ»، فأمَّا التَّعليقُ على غَيرِ ذلكَ كقَولهِ: «أنتِ طالِقٌ إنْ طَلعَتِ الشَّمسُ، أو قَدِمَ الحاجُّ، أو إنْ لَم يَقدُمِ السُّلطانُ» فهوَ شَرطٌ مَحضٌ ليسَ بحَلفٍ؛ لأنَّ حَقيقةَ الحلِفِ القسَمُ، وإنما سُمِّيَ تَعليقُ الطَّلاقِ على شَرطٍ حلِفًا تَجوُّزًا؛ لمُشارَكتِه الحَلِفَ في المَعنى المَشهورِ، وهو الحَثُّ أو المَنعُ أو تأكيدُ الخبَرِ، نَحوُ قَولُه: «واللهِ لَأفعَلَنَّ، أو لا أفعَلُ، أو لقدْ فَعلْتُ»، وما لم يَوجَدْ فيهِ هذا المَعنَى لا يَصحُّ تَسميتُه حَلِفًا، وهذا مَذهبُ الشَّافعيِّ (١).

فالحَلِفُ بالطَّلاقِ ليسَ يَمينًا عِنْدَ أهلِ العِلمِ حَقيقةً، بلْ مَجازًا كما تَقدَّمَ، وإنَّما هو طلاقٌ بصِفةٍ؛ فإذا أوقَعَه مُوقِعٌ وقَعَ عِنْدَ فُقهاءِ المَذاهبِ الأربَعةِ على الصَّحيحِ في كُلِّ مَذهبٍ عِندَهم.

قالَ ابنُ عَبدِ البَرِّ : وأمَّا الحَلِفُ بالطَّلاقِ والعِتقِ فليسَ بيَمينٍ عِنْدَ أهلِ التَّحصيلِ والنَّظرِ، وإنما هو طلاقٌ بصِفةٍ أو عِتقٌ بصِفةٍ إذا أوقَعَه


(١) «المغني» (٧/ ٣٣٢، ٣٣٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>