وكذا إذا أرادَ أنْ يَنطِقَ بالثَّلاثِ فقالَ: «أنتِ طالِقٌ» وسكَتَ عنِ التَّلفظِ بالثَّلاثِ فلا يَلزمُه ما زادَ على الواحِدةِ؛ لأنهُ لم يَقصدِ الثَّلاثِ بقَولِه: أنتِ طالِقٌ، وإنَّما أرادَ أنْ يَنطِقَ بالثَّلاثِ فبَدَا لهُ عدَمُ الثَّلاثُ فسكَتَ عَنِ النُّطقِ به.
وأمَّا لو أرادَ أنْ يُنجِّزَ واحدةً فقالَ: «أنتِ طالِقٌ ثلاثًا» فقيلَ: يَلزمُه الثَّلاثُ في الفَتوى والقَضاءِ، وهو قولُ مالِكٍ وسحنُونٍ، وأمَّا لو أرادَ أنْ يُعلِّقَ الثَّلاثَ فقالَ: «أنتِ طالِقٌ ثلاثًا» وسكَتَ ولم يَأتِ بالشَّرطِ فلا شيءَ عليهِ (١).
وقالَ الشَّافعيةِ: ألفاظُ الكِنايةِ لا يَقعُ بها الطَّلاقُ إلَّا معَ النِّيةِ، وهي كَثيرةٌ كقَولِه: أنتِ خَليَّةٌ وبَريَّةٌ وبَتَّةٌ وبَتْلَةٌ وبائِنٌ وحَرامٌ وحُرَّةٌ وأنتِ واحِدَةٌ واعتَدِّي واستَبْرِئي رَحِمَكِ والحَقِي بأهلِكِ وحَبْلُكِ على غارِبكِ ولا أَنْدَهُ سِرْبَكِ -أي: لا أَزْجُرُ إِبلَكِ، ومَعناهُ لا أهتَمُّ بشَأنِكِ- واغرُبِي واعزُبِي واخرُجِي واذهَبِي وسافِرِي وتَجنَّبِي وتَجرَّدِي وتقنَّعِي وتَستَّرِي والزَمِي الطَّريقَ وبِينِي وأَبْعِدِي ووَدِّعِينِي ودَعِينِي وبَرئْتُ مِنكِ ولا حاجةَ لي فيكِ وأنتِ وشأنُكِ وأنتِ مُطلَقةٌ ومُنطَلِقةٌ وتَجرَّعِي وذُوقِي وتَزوَّدِي وما أشبَهَ
(١) «الإشراف» (٣/ ٤٢٠، ٤٢٤)، و «التاج والإكليل» (٣/ ٥٩، ٦٩)، و «مواهب الجليل» (٥/ ٢٧٣، ٢٧٧)، و «شرح مختصر خليل» (٤/ ٤٣، ٤٨)، و «الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي» (٣/ ٢٦٧، ٢٧٥)، و «تحبير المختصر» (٣/ ١٥٧، ١٦٥)، و «القوانين الفقهية» (١/ ١٥٢)، و «حاشية الصاوي على الشرح الصغير» (٥/ ٣٣١، ٣٤٣).
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://www.shamela.app/page/contribute