للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومِئتَينِ، والصَّوابُ ما قَدَّمناه عن ابتِداءِ خَبَرِ المِحنةِ، أو وُقوعِها في شَهرِ رَمضانَ، عامَ ثَمانيةَ عَشرَ ومِئتَينِ، بدَليلِ أنَّ بِشرًا المَريسيَّ هو الذي تَولَّى كِبْرَها، وماتَ بشَهرِ ذي الحِجةِ في عامِ ثَمانيةَ عَشرَ، وقد قيلَ: إنَّ مَوتَه كانَ عامَ تِسعةَ عَشرَ، كما قالَه بعضُ المُؤرِّخينَ، والأوَّلُ أوْلى؛ لأنَّ المُعتصِمَ وَليَ الخِلافةَ بعدَ المَأمونِ، ودخَلَ بَغدادَ في غُرةِ رَمضانَ، عامَ ثَمانيةَ عَشرَ، كما تَقدَّمَ، والإمامُ أَحمدُ في الحَبسِ، وامتَحَنه عَقِبَ دُخولِه بَغدادَ.

وقد رَأيتُ في مَوضعٍ آخَرَ أنَّ الإمامَ أَحمدَ أُخرجَ من السِّجنِ في شَهرِ رَمضانَ، عامَ عِشرينَ ومِئتَينِ، وهذا مُتَّجهٌ، يُعضِّدُه ما قدَّمناه قَريبًا، أنَّه مكَثَ في السِّجنِ نَحوَ ثَمانيةٍ وعِشرينَ شَهرًا؛ لأنَّ ابتِداءَ حَبسِه في أَيامِ المَأمونِ، قبلَ وَفاتِه، وكانَت وَفاةُ المَأمونِ في رَجبٍ، عامَ ثَمانيةَ عَشرَ، فمِن ذلك التاريخِ إلى رَمضانَ عامِ عِشرينَ نَحوُ ثَمانيةٍ وعِشرينَ شَهرًا، فيَظهرُ من ذلك صِحةُ القَولِ بأنَّ المِحنةَ في شَهرِ رَمضانَ، عامَ ثَمانيةٍ وعِشرينَ ومِئتَينِ واللهُ أعلَمُ.

لمَّا وَلي الواثِقُ بعدَ المُعتصِمِ، وهو أبو جَعفرٍ هارونُ المُعتصِمُ، وكانَت وِلايتُه في رَبيعٍ الأولِ، عامَ سَبعةٍ وعِشرينَ ومِئتَينِ، لم يَتعرَّضْ للإِمامِ أَحمدَ في شَيءٍ، إلا أنَّه بعَثَ إليه يَقولُ: لا تُساكِنِّي بأرضٍ، وقيلَ: أمَرَه ألَّا يَخرجَ من بَيتِه، فصارَ الإِمامُ أَحمدُ يَختَفي في الأَماكنِ، ثم صارَ إلى مَنزلِه، فاختَفى فيه عِدةَ أشهُرٍ إلى أنْ ماتَ الواثِقُ (١).


(١) قالَ الذَّهبيُّ: قالَ إِبراهيمُ نِفطوَيهِ: حدَّثِني حامدُ بنُ العَباسِ عن رَجلٍ عن المُهتدِي: أنَّ الواثِقَ ماتَ وقد تابَ عن القَولِ بخَلقِ القُرآنِ (١١/ ٣١٦) «سير أعلام النبلاء».

<<  <  ج: ص:  >  >>