للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكانَ الزُّهريُّ يَقولُ: إذا عزَمَ على ذلكَ فقَدْ طلقَتْ، لفَظَ بهِ أو لم يَلفظْ بهِ، وإنْ كانَ إنَّما هوَ وَسوسةُ الشَّيطانِ فليسَ بشيءٍ.

وسُئلَ مالِكٌ عَنْ رَجلٍ طلَّقَ امرأتَهُ في نَفسِه ولَم يَنطِقْ بهِ لِسانُه أتراهُ طلاقًا؟ فقالَ: نَعمْ في رَأيي، وما هوَ بوَجهِ الطَّلاقِ.

قالَ أبو بكرٍ: وأحسبُ أنْ مالِكًا قَدِ اختُلِفَ عنهُ في هذهِ المَسألةِ، ولمْ أرَ أحدًا حَكى عَنهُ هذا الَّذي ذَكرْتُه غَيرَ أشهَبَ.

قالَ أبو بكرٍ: وبالقَولِ الأوَّلِ أقولُ؛ وذلكَ لحَديثِ أبي هُريرةَ:

٧٦٨٥ - حدَّثَنا يَحيَى بنُ مُحمدٍ حدَّثَنا مُسَدَّدُ حدَّثَنا أبو عوانةَ عَنْ قَتادةَ عَنْ زُرارةَ عَنْ أبي هُريرةَ عَنِ النَّبيِّ قالَ: «إنَّ اللهَ تَجاوزَ لأمَّتي عمَّا حدَّثَتْ بهِ أَنفُسَها ما لَم يَتكلَّمُوا بهِ أو يَعمَلُوا».

قالَ أبو بكرٍ: وإنَّما جَعَلَ النَّبيُّ الأعمالَ مَقرُونةً بالنِّياتِ، ولو كانَ حُكمُ مَنْ أضمَرَ في نَفسِه شَيئًا حُكمَ المُتكلِّمِ كانَ مَنْ حدَّثَ نَفسَه في الصَّلاةِ بشيءٍ مُتكلِّمًا، ففي إجماعِهم على أنَّ ذلكَ ليسَ بكَلامٍ معَ الحَديثِ الَّذي رُويَ عَنِ النَّبيِّ أنهُ قالَ: «مَنْ صلَّى صلاةً لا يُحدِّثُ نفْسَه فيها فلَهُ كذا» دَليلٌ على أنَّ حَديثَ النَّفسِ لا يَقومُ مَقامَ الكَلامِ، وقَد أجمَعُوا على أنَّ مَنْ حدَّثَ نفْسَه بالقَذفِ غَيرُ قاذِفٌ، والجَوابُ أنَّ الإيلاءَ والظِّهارَ كذلكَ (١).


(١) «الإشراف» (٩/ ٢٠١، ٢٠٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>