للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لكنْ في وُقوعِه في السَّاهِي والغافِلِ على ما صَوَّرناهُ لا يَظهَرُ التَّقييدُ بالقَضاءِ؛ إذْ لا فرْقَ في مُباشَرةِ سَببِ الحِنثِ بيْنَ التَّعمُّدِ وغَيرِه.

تَنبيهٌ: في «الحاوِي الزَّاهديِّ»: ظَنَّ أنَّه وقَعَ الثَّلاثُ على امرَأتِه بإفتاءِ مَنْ لم يَكنْ أهلًا للفَتوَى، وكُلِّفَ الحاكِمُ كِتابتَها في الصَّكِّ فكُتبَتْ، ثمَّ استَفتَى ممَّن هوَ أقَلُّ للفَتوَى فأفتَى بأنَّه لا يَقعُ، والتَّطليقَاتُ الثَّلاثُ مَكتوبةٌ في الصَّكِّ بالظَّنِّ، فلَهُ أنْ يَعودَ إليها دِيانةً، ولكنْ لا يُصدَّقُ في الحُكمِ. اه (١).

وذهَبَ الشَّافعيةُ في الأظهَرِ والحَنابلةُ في رِوايةٍ اختارَها شَيخُ الإسلامِ ابنُ تَيميةَ وابنُ القيِّمِ وابنُ مُفلِحٍ والمِرْداويُّ، وهو قَولُ عَطاءٍ وعَمرِو بنِ دِينارٍ والشَّعبيِّ إلى أنَّه لا يَقعُ طلاقُه؛ لقَولِه تعالَى: ﴿رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا﴾، وقَولِه تعالَى: ﴿وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ﴾، ولقَولِه : «إنَّ اللَّهَ تَجاوَزَ عن أُمَّتي الخَطأَ والنِّسيانَ وما استُكرِهُوا عليهِ» (٢). أي لا يُؤاخِذُهم بذلكَ، فيَعمُّ كلَّ حُكمٍ إلَّا ما قامَ الدَّليلُ على استِثنائِه كقِيَمِ المُتلَفَاتِ، ولأنَّ النَّاسيَ لا يُكلَّفُ حالَ نِسيانِه، فلا يَلزَمُه الحِنثُ كالحَلِفِ باللهِ تعالَى، ولأنه غَيرُ قاصِدٍ للمُخالَفةِ، فلَم يَحنَثْ كالنَّائمِ والمَجنونِ.

ولأنَّه أحَدُ طَرفي اليَمينِ، فاعتُبِرَ فيهِ القَصدُ كحالَةِ الابتِداءِ بها.


(١) «حاشية ابن عابدين» (٣/ ٢٤١، ٢٤٢).
(٢) حَدِيثٌ صَحِيحٌ: رواه ابن ماجه (٢٠٤٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>