للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وتَعجَّبَ منهُ في «الفَتح»، وقالَ: لا شَكَّ أنَّه على هذا التَّقديرِ لا يتَّجِهُ لأحدٍ أنْ يَقولَ: لا تَصحُّ تَصرُّفاتُه (١).

وقالَ ابنُ قُدامةَ : فأمَّا إنْ شَربَ البَنجَ ونَحوَه ممَّا يُزيلُ عَقلَه عالِمًا بهِ مُتلاعِبًا فحُكمُه حُكمُ السَّكرانِ في طلاقِهِ، وبهذا قالَ أصحابُ الشَّافعيِّ.

وقالَ أصحابُ أبي حَنيفةَ: لا يَقعُ طَلاقُه؛ لأنَّه لا يَلتذُّ بشُربِها.

ولنا: إنَّه زالَ عَقلُه بمَعصيةٍ، فأشبَهَ السَّكرانَ (٢).

وقالَ الزَّركَشيُّ : وممَّا يَدخلُ في كَلامِ الخرقيِّ: مَنْ تَعاطَى ما يُزيلُ عَقلَه لغَيرِ حاجَةٍ كالبَنجِ ونَحوِه، وقدِ اختَلفَ المَذهبُ في هذا، فألحَقَه ابنُ حامِدٍ وأبو الخطَّابِ في «الهِدايَة» وأبو مُحمَّدٍ بالسَّكرانِ، وفَرَّقَ أحمَدُ بَيْنَهما فألحَقَه بالمَجنونِ، ووجَّهَ القاضي الفَرْقَ بأنَّ الغالِبَ مِنَ النَّاسِ أنَّهُم يَشرَبونَ لغَير المَعصيةِ، بخِلافِ المُسكِرِ، والحُكمُ يَتعلَّقُ بالغالِبِ، ولأنَّ كثيرًا مِمَّنْ يَشرَبُ المُسكِرَ يظهرُ زَوالُ العقلِ معَ إثباتِهِ، فحُكِمَ بإيقاعِ الطَّلاقِ سَدًّا للذَّريعةِ، بخِلافِ مُتعاطِي البَنجِ ونَحوِه.

وممَّا قدْ يُلحَقُ بالبَنجِ الحَشيشةُ الخَبيثَةُ، وأبو العبَّاسِ يَرَى أنَّ حُكمَها حُكمُ الشَّرابِ المُسكِرِ، حتَّى في إيجابِ الحَدِّ، ويُفرِّقُ بيْنَها وبيْنَ البَنجِ بأنَّها


(١) «حاشية ابن عابدين» (٣/ ٢٣٩، ٢٤٠).
(٢) «المغني» (٧/ ٢٨٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>