أَناةٌ فنَمضيهِ عليهِم، ولا يُلائِمُ هذا الكَلامُ الفرْقَ بيْنَ عهدِ رَسولِ اللهِ ﷺ وبيْنَ عهَدِه بوَجهٍ ما، فإنَّهُ ماضٍ مِنْكُمْ على عَهدِه وبعْدَ عهدِه.
ثمَّ إنَّ في بعْضِ ألفاظِ الحَديثِ الصَّحيحةِ: «ألَمْ تَعلَمْ أنَّهُ مَنْ طلَّقَ ثلاثًا جُعلَتْ واحدةً على عَهدِ رَسولِ اللهِ ﷺ؟».
وفي لَفظٍ: «أمَا عَلمْتَ أنَّ الرَّجلَ كانَ إذا طلَّقَ امرأتَهُ ثلاثًا قبْلَ أنْ يَدخُلَ بها جَعلُوها واحدَةً على عَهدِ رَسولِ اللهِ ﷺ وأبِي بكرٍ وصَدرًا مِنْ خِلافةِ عُمرَ؟ فقالَ ابنُ عبَّاسٍ: بلَى، كانَ الرَّجلُ إذا طلَّقَ امرأتَهُ ثلاثًا قبْلَ أنْ يَدخُلَ بها جَعلُوها واحدَةً على عَهدِ رَسولِ اللهِ ﷺ وأبِي بكرٍ وصَدرًا مِنْ إمارةِ عُمرَ، فلمَّا رَأى النَّاسَ -يعنِي عُمَر- قدْ تَتايَعُوا فيها قالَ: أَجيزُوهنَّ عَليهِم»، هذا لَفظُ الحَديثِ، وهوَ بأصحِّ إسنادٍ، وهو لا يَحتمِلُ ما ذكَرْتُم مِنَ التَّأويلِ بوَجهٍ ما، ولكنَّ هذا كلَّه عَمَلُ مَنْ جعَلَ الأدلَّةَ تَبَعًا للمَذهَبِ، فاعتَقدَ ثمَّ استَدلَّ، وأمَّا مَنْ جعَلَ المَذهبَ تَبَعًا للدَّليلِ واستَدلَّ ثمَّ اعتَقدَّ لم يُمكِنْه هذا العَملُ.
وأمَّا قولُ مَنْ قالَ: ليسَ في الحَديثِ بَيانُ أنَّ رَسولَ اللهِ ﷺ كانَ هوَ الَّذي يَجعَلُ ذلكَ، ولا أنَّهُ عَلِمَ بهِ وأقرَّهُ عليهِ، فجَوابُه أنْ يُقالَ: سُبحانَكَ هذا بُهتانٌ عَظيمٌ أنْ يَستمرَّ هذا الجَعْلُ الحَرامُ المُتضمِّنُ لتَغييرِ شرْعِ اللهِ ودِينِه، وإباحةِ الفرْجِ لِمَنْ هو عليهِ حَرامٌ، وتَحريمِهُ على مَنْ هوَ عليهِ حَلالٌ على عَهدِ رَسولِ اللهِ ﷺ وأصحابِهِ خَيرِ الخلْقِ، وهُمْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://www.shamela.app/page/contribute