قالُوا: وأمَّا القياسُ فقَدْ تقدَّمَ أنَّ جمْعَ الثَّلاثِ مُحرَّمٌ وبِدعةُ والبدعَةُ مَردودةٌ؛ لأنَّها ليسَتْ على أمْرِ رَسولِ اللهِ ﷺ.
قالُوا: وسائِرُ ما تقدَّمَ في بَيانِ التَّحريمِ يَدلُّ على عَدمِ وُقوعِها جُملةً. قالُوا: ولو لم يَكنْ معنَا إلَّا قولُهُ تعالَى: ﴿فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ﴾ [النور: ٦]، وقولُه: ﴿وَيَدْرَأُ عَنْهَا الْعَذَابَ أَنْ تَشْهَدَ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ﴾ [النور: ٨]، قالُوا: وكذلكَ كلُّ ما يُعتبَرُ لهُ التّكرارُ مِنْ حَلفٍ أو إقرارٍ أو شَهادةٍ، وقدْ قالَ النَّبيُّ ﷺ: «تَحلفُونَ خَمسينَ يَمينًا وتَستَحقُّونَ دَمَ صاحِبِكُم»، فلو قالُوا: «نَحلِفُ باللهِ خَمسينَ يَمينًا إنَّ فلانًا قتَلَهُ» كانَتْ يَمينًا واحدَةً، قالُوا: وكذلكَ الإقرارُ بالزِّنى، كما في الحَديثِ: إنَّ بعْضَ الصَّحابةِ قالَ لماعِزٍ: إنْ أقرَرْتَ أربعًا رجَمَكَ رَسولُ اللهِ ﷺ، فهذا لا يُعقَلُ أنْ تَكونُ الأربَعُ فيهِ مَجموعةً بفَمٍ واحِدٍ (١).
ثمَّ قالَ: قالَ المانِعونَ مِنْ وُقوعِ الثَّلاثِ: التَّحاكُمُ في هذهِ المَسألةِ وغَيرِها إلى مَنْ أقسَمَ اللهُ ﷾ أصدَقَ قسَمٍ وأبَرَّهُ أنَّا لا نُؤمِنُ حتَّى نُحكِّمَه فيما شجَرَ بَينَنا ثمَّ نَرضَى بحُكمِه ولا يَلحقَنا فيهِ حَرجٌ ونُسلِّمَ لهُ تَسليمًا لا إلى غَيرِه كائِنًا مَنْ كانَ، اللَّهمَّ إلَّا أنْ تُجمِعَ أمَّتُه إجماعًا مُتيقَّنًا لا نَشكُّ فيهِ على حُكمٍ، فهو الحقُّ الَّذي لا يَجوزُ خِلافُه، ويأبَى اللهُ أنْ تَجتمِعَ الأمَّةُ على خِلافِ سُنَّةٍ ثابتةٍ عنْهُ أبدًا، ونحْنُ قدْ أوجَدْناكُم مِنَ الأدلَّةِ ما تَثبُتُ
(١) «زاد المعاد» (٥/ ٢٤٧، ٢٥١).
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://www.shamela.app/page/contribute