للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الثَّالثُ: أنَّهُ يَقعُ بهِ واحدةٌ رَجعيَّةٌ، وهذا ثابِتٌ عنِ ابنِ عبَّاسٍ، ذكَرَه أبو داودَ عنهُ، قالَ الإمامُ أحمدُ: وهذا مَذهبُ ابنِ إسحاقَ، يقولُ: خالَفَ السُّنةُ فيُردُّ إلى السُّنَّةِ. انتهى، وهوَ قولُ طاووسٍ وعِكرمةَ، وهو اختيارُ شَيخِ الإسلامِ ابنُ تَيميةَ.

الرَّابِعُ: أنَّهُ يُفرَّقُ بيْنَ المَدخولِ بها وغَيرِها، فتقَعُ الثَّلاثُ بالمَدخولِ بها، ويقَعُ بغَيرِها واحدةٌ، وهذا قَولُ جَماعةٍ مِنْ أصحابِ ابنِ عبَّاسٍ، وهوَ مَذهبُ إسحاقَ بنِ راهويهِ فيما حَكاهُ عنهُ مُحمَّدُ بنُ نَصرٍ المروزيُّ في كِتابِ «اختِلاف العُلماءِ».

فأمَّا مَنْ لم يُوقِعْها جُملةً فاحتَجُّوا بأنَّهُ طلاقُ بدعَةٍ مُحرَّمٌ، والبِدعةُ مَردُودةٌ، وقدِ اعتَرفَ أبو مُحمَّدٍ ابنُ حَزمٍ بأنَّها لو كانَتْ بِدعةً مُحرَّمةً لَوجَبَ أنْ تُردَّ وتَبطُلَ، ولكنَّهُ اختارَ مَذهبَ الشَّافعيِّ أنَّ جمْعَ الثَّلاثِ جائِزٌ غيرُ مُحرَّمٍ، وستأتي حُجَّةُ هذا القولِ.

وأمَّا مَنْ جعَلَها واحدَةً فاحتَجَّ بالنَّصِّ والقِياسِّ، فأمَّا النَّصُّ فما رواهُ مَعمرٌ وابنُ جُريجٍ عنِ ابنِ طاووسٍ عَنْ أبيهِ أنَّ أبا الصَّهباءِ قالَ لابنِ عبَّاسٍ: «ألَمْ تَعلمْ أنَّ الثَّلاثَ كانَتْ تُجعَلُ واحدَةً على عَهدِ رَسولِ اللهِ وأبي بكرٍ وصَدرًا مِنْ إمارَةِ عُمرَ؟ قالَ: نَعمْ» رَواهُ مُسلمٌ في صَحيحِهِ.

وفي لَفظٍ: «أَلمْ تَعلَمْ أنَّ الثَّلاثَ كانَتْ على عَهدِ رَسولِ اللهِ وأبي بكرٍ وصَدرًا مِنْ خِلافةِ عُمرَ تُردُّ إلى واحدَةٍ؟ قالَ: نعَمْ».

<<  <  ج: ص:  >  >>