للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فِي ذَلِكَ إِنْ أَرَادُوا إِصْلَاحًا﴾ [البقرة: ٢٢٨] فهذا يَدلُّ على أنَّ كُلَّ طَلاقٍ بعْدَ الدُّخولِ فالمُطلِّقُ أحَقُّ فيهِ بالرَّجعةِ سِوى الثَّالثةِ المَذكورةِ بعْدَ هذا، وكَذلكَ قولُه تعالَى: ﴿يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ﴾ إلى قولِه: ﴿فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ﴾، فهذا هو الطَّلاقُ المَشروعُ، وقَد ذكَرَ اللهُ أقسامَ الطَّلاقِ كُلَّها في القُرآنِ وذكَرَ أحكامَها، فذَكرَ الطَّلاقَ قبْلَ الدُّخولِ وأنَّهُ لا عدَّةَ فيهِ، وذكَرَ الطَّلقةَ الثَّالثةَ وأنَّها تُحرِّمُ الزَّوجةَ على المُطلِّقِ حتَّى تَنْكِحَ زَوجًا غيرَهُ، وذكَرَ طلاقَ الفِداءِ الَّذي هوَ الخُلعُ، وسمَّاه فِديةً ولمْ يَحسبْهُ مِنَ الثَّلاثِ كما تقدَّمَ، وذكَرَ الطَّلاقَ الرَّجعيَّ الَّذي المُطلِّقُ أحَقُّ فيهِ بالرَّجعةِ، وهو ما عَدا هذهِ الأقسام الثَّلاثة (١).

ثمَّ قالَ: وأمَّا المَسألةُ الثَّانيةُ؛ وهيَ وُقوعُ الثَّلاثِ بكَلمةٍ واحدَةٍ، فاختَلفَ النَّاسُ فيها على أربعةِ مَذاهِبَ:

أحدُها: أنَّها تَقعُ، وهذا قَولُ الأئمَّةِ الأربعةِ وجُمهورِ التَّابعِينَ وكَثيرٍ مِنَ الصَّحابةِ .

الثَّاني: أنَّها لا تَقعُ، بلْ تُرَدُّ؛ لأنَّها بِدعةٌ مُحرَّمةٌ، والبِدعةُ مَردودةٌ؛ لقولِهِ : «مَنْ عَمِلَ عَملًا ليسَ عَليهِ أمْرُنا فهوَ رَدٌّ»، وهذا المَذهبُ حكاهُ أبو مُحمَّدٍ ابنُ حَزمٍ، وحُكيَ للإمامِ أحمدَ فأنكرَهُ وقالَ: هو قولُ الرَّافضةِ.


(١) «زاد المعاد» (٥/ ٢٤٤، ٢٤٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>