الخَلاصُ والاستِنقاذُ، مأخوذٌ مِنْ افتِداءِ الأسيرِ وهو خَلاصُه واستِنقاذُه، فلو ثبَتَ الرَّجعةُ فيهِ لَمَا حصَلَ به الخَلاصُ والاستِنقاذُ، فدلَّ على أنَّ الافتِداءَ يَمنعُ مِنْ ثُبوتِ الرَّجعةِ، ولأنَّ الزَّوجةَ ملكَتْ بُضعَها بالخُلعِ كما ملَكَ الزَّوجُ بُضعَها بالنِّكاحِ، فلمَّا كانَ الزَّوجُ قد ملَكَ بالنِّكاحِ بُضعَها مِلكًا تامًّا لا سُلطانَ فيهِ للزَّوجةِ وجَبَ أنْ تَملكَ الزَّوجةُ بُضعَها بالخُلعِ مِلكًا تامًّا لا سُلطانَ فيهِ للزَّوجِ، ولأنَّ الزَّوجَ قد ملَكَ عوَضَ الخُلعِ في مُقابلةِ مِلكِ الزَّوجةِ للبُضعِ، فلمَّا استَقرَّ مِلكُ الزَّوجِ للعِوضِ حتَّى لم يبْقَ للزَّوجةِ فيه حقٌّ؛ وجَبَ أنْ يَستقرَّ مِلكُ الزَّوجةِ للبُضعِ وأنْ لا يبقَى للزَّوجِ فيه حقٌّ.
ولأنه لمَّا أخَذَ مِنْ المُختلِعةِ عوضًا وكانَ مَنْ ملَكَ عِوضَ شيءٍ مِلكِه لم يكنْ له رجعةٌ فيما ملَكَ عليه.
ولأنَّ المرأةَ إنَّما تَبذلُ العِوضَ لإزالةِ الضَّررِ عنها، وكلُّ فُرقةٍ لإزالةِ الضَّررِ فإنها تَقتضِي قطْعَ ما يُعيدُها إليهِ مِنْ ثُبوتِ الرَّجعةِ عليها وإعادتِها إلى الضَّررِ، ولأنها تَعجزُ عن إقامةِ حُقوقِ اللهِ تعالَى في ذاتِ زوْجِها، فلم يَستحقَّ ذلكَ كالفُرقةِ بإعسارِ النَّفقةِ وفي الإيلاءِ (١).
(١) «الإشراف على نكت مسائل الخلاف» (٣/ ٣٨١)، رقم (١٢١٠)، و «الحاوي الكبير» (١٠/ ١١، ١٢)، و «البيان» (١٠/ ٣٧)، و «المغني» (٧/ ٢٥١، ٢٥٢).
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://www.shamela.app/page/contribute