للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقدِ اختَلفَ الفُقهاءُ في حُكمِ خُلعِ الحِيلةِ: هل هو جائِزٌ أم لا؟ وإذا لم يَجزْ هل يَكونُ حَرامًا مع الصِّحةِ أم لا؟

فذهَبَ الحَنابلةُ في المَذهبِ إلى أنَّه يَحرمُ الخُلعُ حِيلةً لإسقاطِ يَمينِ طَلاقٍ أو لأجْلِ إسقاطِ تَعليقِ الطَّلاقِ؛ كما لو قالَ لها: «إذا قَدمَ زَيدٌ فأنتِ طالِقٌ» فخَلَعها قبلَ قُدومِه حِيلةً لإسقاطِ تَعليقِ الطلاق؛ فيَحرمُ كسائرِ الحِيلِ ولا يقَعُ الخُلعُ، قالَ الشَّيخُ تقيُّ الدِّينِ: خُلعُ الحِيلةِ لا يَصحُّ على الأصحِّ كما لا يَصحُّ نكاحُ المحلِّلِ؛ لأنَّه ليسَ المَقصودُ منهُ الفُرقةُ، وإنَّما يُقصدُ منهُ بقاءُ المرأةِ معَ زوجِها كما في نكاحِ المحلِّلِ، والعَقدُ لا يُقصدُ به نَقيضُ مَقصودِه.

وذهَبَ بعضُ الحَنابلةِ كما في «الرِّعايتَين» و «الحاوِي» أنَّه يَحرمُ الخُلعُ حِيلةً ويقَعُ.

قالَ الإمامُ المِرْداويُّ في «الإنصاف»: قُلتُ: غالِبُ النَّاسِ واقِعٌ في هذهِ المَسألةِ ويَستعمِلُها في هذهِ الأزمِنةِ، ففي هذا القَولِ فرَجٌ لهُم.

وفي واضِحِ ابنِ عَقيلٍ: يُستحبُّ إعلامُ المُفتِي المُستفتِي -أي: طالِبَ الفُتيا- بمَذهبِ غيرِه -أي: غيرِ المُفتِي- إنْ كانَ المُستَفتي أهلًا للرُّخصةِ، كطالِبِ التَّخلصِ مِنْ الوُقوعِ في الرِّبا، ولم يَجدْ لهُ وجهًا في مَذهبِه؛ فيَدلُّه على مَنْ يَرى التَّحيُّلَ للخَلاصِ منهُ -أي: الرِّبا والخُلعِ-، فيُفتيه ذلكَ الغيرُ بصحَّةِ الخُلعِ وعدمِ وُقوعِ الطَّلاقِ؛ لئلَّا يَضطرَّ فيقَعَ في المَحظورِ المَنهيِّ عنهُ؛ إذْ لا يَجبُ على الإنسانِ التِزامُ مَذهبٍ بعَينِه بحَيثُ إنَّه يَعتقدُ صوابَه

<<  <  ج: ص:  >  >>