للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وذَهب الحَنفيَّةُ والمالِكيَّةُ في المَشهورِ عندَهم إلى عدمِ مَشروعيَّةِ رَفعِ اليَدينِ إلا عندَ تَكبيرةِ الإحرامِ، فلا يُشرعُ رَفعُهما عندَ الرُّكوعِ، أو الرَّفعِ منه، أو القيامِ لِلثَّالِثةِ؛ لِحَديثِ البَراءِ أنَّه قالَ: «رَأيتُ رَسولَ اللهِ رفعَ يَديهِ حين افتَتحَ الصَّلاةَ، ثم لم يَرفَعهُمَا حتى انصَرفَ» (١). وعنِ ابنِ مَسعودٍ أنَّه قالَ: «ألَا أُصَلِّي بِكُمْ صَلاةَ رَسولِ اللهِ ؟ قالَ: فَصلَّى فلم يَرفَع يَديهِ إلا مرَّةً» (٢) (٣).

قالَ الإمامُ ابنُ رُشدٍ القُرطُبيُّ : وأمَّا اختِلافُهم في المَواضِعِ التي تُرفَعُ فيها فذَهب أهلُ الكُوفةِ -أبو حَنيفَةَ وسُفيانُ الثَّورِيُّ وسائِرُ فُقهائِهم- إلى أنَّه لا يَرفَعُ المُصلِّي يَديه إلا عندَ تَكبيرةِ الإحرامِ فَقط، وهي رِوايةُ ابنِ القاسِمِ عن مالِكٍ.

وذَهب الشافِعيُّ وأحمدُ وأبو عُبَيدٍ وأبو ثَورٍ وجُمهورُ أهلِ الحَديثِ، وكذلك أهلُ الظَّاهرِ إلى الرَّفعِ عندَ تَكبيرةِ الإحرامِ، وعندَ الرُّكوعِ، وعندَ الرَّفعِ مِنْ الرُّكوعِ، وهو مَروِيٌّ عن مالِكٍ، إلا أنَّه عندَ بعضِ أولئك فَرضٌ، وعندَ مالِكٍ سُنَّةٌ، وذَهب بَعضُ أهلِ الحَديثِ إلى رَفعِها عندَ السُّجودِ وعندَ الرَّفعِ منه.


(١) حَدِيثٌ صَحِيحٌ: رَواه أبو داود (٧٥٢).
(٢) حَدِيثٌ صَحِيحٌ: رَواه أبو داود (٧٤٨)، والتِّرمذي (٢٥٧)، والنسائي (١٠٥٨).
(٣) يُنظر: «معاني الآثار» (٢/ ٥٢، ٥٣)، و «تبيين الحقائق» (١/ ١٢٠)، و «البحر الرائق» (١/ ٣٤١)، و «التَّمهيد» (١٩/ ٢٥٢)، و «الشرح الصغير» (١/ ٢١٦)، و «حاشية الدُّسوقي» (١/ ٢٤٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>