للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقالَ الإمامُ ابنُ رُشدٍ : وأمَّا نَوعُ الخُلعِ فجُمهورُ العُلماءِ على أنَّه طَلاقٌ، وبهِ قالَ مالِكٌ، وأبو حَنيفةَ سوَّى بيْنَ الطَّلاقِ والفَسخِ، وقالَ الشَّافعيُّ: هوَ فسخٌ، وبهِ قالَ أحمَدُ وداودُ، ومِنَ الصَّحابةِ ابنُ عبَّاسٍ.

وقد رُويَ عنِ الشَّافعيِّ أنَّه كِنايةٌ، فإنْ أرادَ بهِ الطَّلاقَ كانَ طَلاقًا، وإلَّا كانَ فسخًا، وقَد قيلَ عنهُ في قَولِه الجديدِ: إنَّه طَلاقٌ.

وفائِدةُ الفرْقِ: هل يُعتَدُّ به في التَّطليقاتِ أم لا؟

وجُمهورُ مَنْ رَأى أنَّه طَلاقٌ يَجعلُه بائِنًا؛ لأنَّه لو كانَ للزَّوجِ في العدَّةِ منهُ الرَّجعةُ عليها لم يَكنْ لافتِدائِها مَعنًى.

وقالَ أبو ثَورٍ: إنْ لم يَكنْ بلَفظِ الطَّلاقِ لم يَكنْ لهُ عليها رَجعةٌ، وإنْ كانَ بلَفظِ الطَّلاقِ كانَ لهُ عليها الرَّجعةُ.


=عوضٍ وجَبَ أنْ تكونَ الفُرقةُ بالفَسخِ تَتنوَّعُ نَوعينِ: بعوضٍ وغيرِ عوضٍ، ولأنَّ النِّكاحَ عَقدُ مُعاوَضةٍ، فإذا لَحقَه الفَسخُ إجبارًا جازَ أنْ يَلحقَه الفَسخُ اختيارًا كالبَيعِ.
والفَرقُ بينَ الفَسخِ والطَّلاقِ أنه لو نكَحَها بعدَ الفَسخِ كانَتْ معهُ على ثلاثٍ، ولو نكَحَها بعدَ الطَّلاقِ كانَتْ معهُ على اثَنتَينِ، ولو كانَ قَدْ طَّلقَها طَلقتينِ ثمَّ فسَخَ حلَّتْ لهُ قبلَ زَوجٍ، ولو طلَّقَ لم تَحلَّ له إلَّا بعدَ زوجٍ، ولو فسَخَ نِكاحَها في ثلاثةِ عُقودٍ حلَّتْ بهِ قبلَ زوجٍ، ولو طلَّقَها في ثلاثةِ عُقودٍ لم تَحلَّ لهُ إلَّا بعدَ زوجٍ.
فهذا أصَحُّ ما عندَنا مِنْ تَرتيبِ المَذهبِ في حُكمِ الخُلعِ، ومِن أصحابِنا مَنْ رتَّبَه غيرَ هذا التَّرتيبِ، فجعَلَ في لَفظِ الخُلعِ قَولينِ: أحَدُهما: أنه فسخٌ، والثَّاني: أنه طلاقٌ، وهل يكونُ طلاقًا صَريحًا أو كِنايةً؟ على قَولَينِ، ومِن أصحابِنا مَنْ خرَّجَه على ثلاثةِ أقاوِيلَ: أحَدُها: أنه فسخٌ، والثَّاني: طلاقٌ صَريحٌ، والثَّالثُ: كِنايةٌ في الطَّلاقِ. «الحاوي الكبير» (١٠/ ٨، ١٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>